وَالتَّكْبِيرُ أَنْ يَقُولَ مَرَّةً وَاحِدَةً: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. هَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ الْخَلِيلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه.
(وَهُوَ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ عَلَى الْمُقِيمِينَ فِي الْأَمْصَارِ فِي الْجَمَاعَاتِ الْمُسْتَحَبَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَيْسَ عَلَى جَمَاعَاتِ النِّسَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُنَّ رَجُلٌ، وَلَا عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسَافِرِينَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مُقِيمٌ. وَقَالَا: هُوَ عَلَى كُلِّ مَنْ صَلَّى الْمَكْتُوبَةَ)؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْمَكْتُوبَةِ، وَلَهُ مَا رَوَيْنَا مِنْ قَبْلُ. وَالتَّشْرِيقُ هُوَ التَّكْبِيرُ كَذَا نُقِلَ عَنْ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ، وَلِأَنَّ الْجَهْرَ بِالتَّكْبِيرِ خِلَافُ السُّنَّةِ، وَالشَّرْعُ وَرَدَ بِهِ عِنْدَ اسْتِجْمَاعِ هَذِهِ الشَّرَائِطِ، إلَّا أَنَّهُ
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ» قَوْلُهُ (مَرَّةً وَاحِدَةً) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَذْكُرُ التَّكْبِيرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلَهُ فِي ذِكْرِ التَّهْلِيلِ بَعْدَهُ قَوْلَانِ.
قَوْلُهُ (وَهُوَ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ عَلَى الْمُقِيمِينَ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ اخْتَارَ كَوْنَهُ وَاجِبًا وَهُوَ اخْتِيَارُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَصَدْرِ الْإِسْلَامِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ فَإِنَّهُ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ فَيَكُونُ وَاجِبًا عَمَلًا بِالْأَمْرِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ. قَالَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ تَكْبِيرُ التَّشْرِيقِ سُنَّةٌ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ، وَفِي قَوْلِهِ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَلِّلَ مَا يَقْطَعُ بِهِ حُرْمَةَ الصَّلَاةِ؛ حَتَّى لَوْ قَامَ وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ تَكَلَّمَ لَمْ يُكَبِّرْ؛ فَفِي قَوْلِهِ الْمَفْرُوضَاتِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ بَعْدَ الْوِتْرِ وَصَلَاةِ الْعِيدِ وَالنَّافِلَةِ.
وَقَيَّدَ بِالْإِقَامَةِ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يُكَبِّرُ إلَّا إذَا اقْتَدَى بِمُقِيمٍ، وَقَيَّدَ بِالْأَمْصَارِ لِأَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ فِي الْقُرَى، وَقَيَّدَ بِالْجَمَاعَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْبِيرَ عَلَى الْمُنْفَرِدِ، وَقَيَّدَ بِالْمُسْتَحَبَّةِ احْتِرَازًا عَنْ جَمَاعَةِ النِّسَاءِ فَإِنَّهُ لَا تَكْبِيرَ عَلَيْهِنَّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُنَّ رَجُلٌ، وَقَالَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ صَلَّى الْمَكْتُوبَةَ لِأَنَّهُ تَبِعَ لَهَا (وَلَهُ مَا رَوَيْنَا مِنْ قَبْلُ) يُرِيدُ بِهِ مَا ذَكَرَ فِي أَوَّلِ بَابِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ ﵊ «لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ وَلَا فِطْرَ وَلَا أَضْحَى إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ» فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ التَّكْبِيرَاتُ شُرِعَتْ تَبَعًا لِلْمَكْتُوبِ فَكَيْفَ يُشْتَرَطُ لَهَا مَا لَمْ يُشْتَرَطْ لِلْمَتْبُوعِ؟ قُلْنَا بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ. وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ عَلَى قَوْلِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ اشْتَرَطَهَا قِيَاسًا عَلَى الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَشْتَرِطُهَا قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ. وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا أَمَّ الْعَبْدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute