للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَبُو يُوسُفَ وَإِنْ أَنْكَرَ شَرْعِيَّتَهَا فِي زَمَانِنَا فَهُوَ مَحْجُوجٌ عَلَيْهِ بِمَا رَوَيْنَا.

قَالَ (وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُقِيمًا صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ)

صَلَّتْ مَعَ الْإِمَامِ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ.

وَقَوْلُهُ (وَأَبُو يُوسُفَ وَإِنْ أَنْكَرَ شَرْعِيَّتَهَا) أَيْ كَوْنَهَا مَشْرُوعَةً، وَكَانَ يَقُولُ أَوَّلًا مِثْلَمَا قَالَا ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: كَانَتْ مَشْرُوعَةً فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ خَاصَّةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ﴾ الْآيَةَ، لِيَنَالَ كُلُّ طَائِفَةٍ فَضِيلَةَ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ ، وَقَدْ ارْتَفَعَ ذَلِكَ بَعْدَهُ ، وَكُلُّ طَائِفَةٍ تَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ بِإِمَامٍ عَلَى حِدَةٍ، فَلَا يَجُوزُ أَدَاؤُهَا بِصِفَةِ الذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ.

وَقَوْلُهُ (بِمَا رَوَيْنَا) يُرِيدُ بِهِ قَوْلَهُ. وَالْأَصْلُ فِيهِ رِوَايَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي قُلْنَا. قَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ: هَذَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ عَنْ التَّحْقِيقِ، لِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ لَمْ يُنْكِرْ شَرْعِيَّتَهَا فِي زَمَنِهِ ، فَكَيْفَ تَكُونُ صَلَاتُهُ حُجَّةً عَلَى أَبِي يُوسُفَ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ حُجَّةٌ عَلَى أَبِي يُوسُفَ مِنْ حَيْثُ الدَّلَالَةُ لَا مِنْ حَيْثُ الْعِبَارَةُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْخَوْفُ، وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ كَمَا كَانَ فِي حَيَاتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِنَيْلِ فَضِيلَةِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَشْيِ وَالِاسْتِدْبَارِ فِي الصَّلَاةِ فَرِيضَةٌ وَالصَّلَاةَ خَلْفَهُ فَضِيلَةٌ، وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْفَرْضِ لِإِحْرَازِ الْفَضِيلَةِ، وَالْخِطَابُ لِلرَّسُولِ قَدْ لَا يَخْتَصُّ بِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً﴾ وَالْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ لَا يُوجِبُ عَدَمَ الْحُكْمِ عِنْدَ عَدَمِهِ عِنْدَنَا عَلَى مَا عُرِفَ بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ إلَى قِيَامِ الدَّلِيلِ وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى وُجُودِهِ وَهُوَ فِعْلُ الصَّحَابَةِ بَعْدَ النَّبِيِّ ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَقَامُوا صَلَاةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>