للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاغْتِسَالِ، غَيْرَ أَنَّ إخْرَاجَ الْمَاءِ مِنْهُ مُتَعَذِّرٌ فَيُتْرَكَانِ (ثُمَّ يُفِيضُونَ الْمَاءَ عَلَيْهِ) اعْتِبَارًا بِحَالِ الْحَيَاةِ.

(وَيُجَمَّرُ سَرِيرُهُ وِتْرًا) لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ الْمَيِّتِ، وَإِنَّمَا يُوتَرُ؛ لِقَوْلِهِ «إنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ».

(وَيَغْلِي الْمَاءَ بِالسِّدْرِ أَوْ بِالْحَرَضِ) مُبَالَغَةً فِي التَّنْظِيفِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْمَاءُ الْقَرَاحُ) لِحُصُولِ أَصْلِ الْمَقْصُودِ

عَلَى أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَفْعَالِ مِنْ تَقْدِيمِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ إلَى الرُّسْغِ وَالْمَسْحِ عَلَى الرَّأْسِ كَمَا كَانَتْ فِي حَيَاتِهِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَفِي صَلَاةِ الْأَثَرِ لَا يَبْدَأُ بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ بَلْ يَغْسِلُ الْوَجْهَ وَلَا يَمْسَحُ عَلَى الرَّأْسِ. وَقَوْلُهُ (ثُمَّ يُفِيضُونَ الْمَاءَ عَلَيْهِ) يَعْنِي ثَلَاثًا، وَإِنْ زَادُوا عَلَى ذَلِكَ جَازَ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ.

وَقَوْلُهُ (وَيُجَمَّرُ سَرِيرُهُ) أَيْ يُبَخَّرُ. يَعْنِي يُدَارُ الْمُجْمِرُ وَهُوَ الَّذِي يُوقَدُ فِيهِ الْعُودُ حَوَالَيْ السَّرِيرِ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا، أَمَّا التَّجْمِيرُ فَلِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيمَ الْمَيِّتِ، وَأَمَّا الْإِيتَارُ فَلِقَوْلِهِ «إنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ»

قَوْلُهُ (وَيُغْلَى الْمَاءُ) مِنْ الْإِغْلَاءِ لَا مِنْ الْغَلْيِ، لِأَنَّ الْغَلْيَ وَالْغَلَيَانَ لَازِمٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْغُسْلُ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ أَفْضَلُ حَذَرًا عَنْ زِيَادَةِ الِاسْتِرْخَاءِ الْمُوجِبِ لِخُرُوجِ النَّجَاسَةِ الْمُوجِبَةِ لِتَنَجُّسِ الْكَفَنِ. وَقُلْنَا: غَسْلُ الْمَيِّتِ شُرِعَ لِلتَّنْظِيفِ وَالْمَاءُ الْحَارُّ أَبْلَغُ فِي التَّنْظِيفِ فَيَكُونُ أَفْضَلَ، وَزِيَادَةُ الِاسْتِرْخَاءِ قَدْ تُعِينُ عَلَى الْمَقْصُودِ وَهُوَ التَّنْظِيفُ لِأَنَّهُ يُخْرَجُ جَمِيعَ مَا هُوَ مُعَدٌّ لِلْخُرُوجِ فَلَا يَتَنَجَّسُ الْكَفَنُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْغُسْلِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ فَإِنْ فَلَمْ يُوجَدْ الْمَاءُ الْمَغْلِيُّ بِالسِّدْرِ أَوْ بِالْحَرَضِ وَهُوَ الْأُشْنَانُ (يُغَسَّلُ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ) أَيْ الْخَالِصِ، وَأَمَّا إذَا وُجِدَ ذَلِكَ فَالتَّرْتِيبُ مَا ذُكِرَ فِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْمُحِيطِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ يَبْدَأُ أَوَّلًا بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ حَتَّى يَبْتَلَّ مَا عَلَى الْبَدَنِ مِنْ الدَّرَنِ وَالنَّجَاسَةِ، ثُمَّ بِمَاءِ السِّدْرِ أَوْ الْحَرَضِ لِيَزُولَ مَا عَلَى الْبَدَنِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّنْظِيفِ، ثُمَّ بِمَاءِ الْكَافُورِ إنْ وُجِدَ تَطْيِيبًا لِبَدَنِ الْمَيِّتِ، كَذَا فَعَلَتْ الْمَلَائِكَةُ بِآدَمَ حِينَ غَسَّلُوهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>