(فَإِنْ صَلَّى غَيْرُ الْوَلِيِّ أَوْ السُّلْطَانِ أَعَادَ الْوَلِيُّ) يَعْنِي إنْ شَاءَ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْحَقَّ لِلْأَوْلِيَاءِ (وَإِنْ صَلَّى الْوَلِيُّ لَمْ يَجُزْ
أَوْلَى، فَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَالِابْنُ أَوْلَى، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْوِلَايَةُ لَهُمَا إلَّا أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَبُ احْتِرَامًا لَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا بَلْ مَا ذَكَرَهُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَنَّ الْأَبَ أَوْلَى قَوْلُ الْكُلِّ لِأَنَّ لِلْأَبِ زِيَادَةَ فَضِيلَةٍ وَسِنٍّ لَيْسَتْ لِلِابْنِ، وَلِلْفَضِيلَةِ أَثَرٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْإِمَامَةِ فَيُرَجَّحُ الْأَبُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ. قَوْلُهُ (وَالْأَوْلِيَاءُ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فِي النِّكَاحِ) مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْأَبِ وَالِابْنِ فَبَنُو الْأَعْيَانِ يَحْجُبُونَ بَنِي الْعِلَّاتِ وَالْأَكْبَرُ سِنًّا يَحْجُبُ الْأَصْغَرَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا «لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِتَقْدِيمِ الْأَسَنِّ» فَإِنْ أَرَادَ الْأَكْبَرُ مِنْ الْأَعْيَانِ أَنْ يُقَدِّمَ إنْسَانًا آخَرَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقَرَابَةِ، وَإِنْ أَرَادَ بَنُو الْأَعْيَانِ تَقْدِيمَ إنْسَانٍ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ بَنِي الْعِلَّاتِ مَنْعُهُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ مَعَ وُجُودِهِمْ، وَابْنُ عَمِّ الْمَرْأَةِ أَحَقُّ مِنْ زَوْجِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهَا ابْنٌ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ بِمَوْتِهَا وَالْتِحَاقِهِ بِالْأَجَانِبِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَهُوَ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ لِلِابْنِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، ثُمَّ الِابْنُ يُقَدِّمُ أَبَاهُ احْتِرَامًا لَهُ فَيَثْبُتُ لِلزَّوْجِ حَقُّ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. قَالَ الْقُدُورِيُّ: وَسَائِرُ الْقَرَابَاتِ أَوْلَى مِنْ الزَّوْجِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الزَّوْجُ أَوْلَى لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ صَلَّى عَلَى امْرَأَتِهِ وَقَالَ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا ". وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّهُ لَمَّا مَاتَتْ امْرَأَتُهُ قَالَ لِأَوْلِيَائِهَا: كُنَّا أَحَقَّ بِهَا حِينَ كَانَتْ حَيَّةً، فَإِذَا مَاتَتْ فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِهَا ". وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ إمَامَ حَيٍّ
(فَإِنْ صَلَّى غَيْرُ الْوَلِيِّ أَوْ السُّلْطَانِ أَعَادَ الْوَلِيُّ) وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِذِكْرِ السُّلْطَانِ، لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى السُّلْطَانُ فَلَا إعَادَةَ لِأَحَدٍ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُقَدَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ، ثُمَّ هُوَ لَيْسَ بِمُنْحَصِرٍ عَلَى السُّلْطَانِ، بَلْ كُلُّ مَنْ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَلِيِّ فِي تَرْتِيبِ الْإِمَامَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَصَلَّى هُوَ لَا يُعِيدُ الْوَلِيُّ ثَانِيًا قَالَ الْإِمَامُ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوَاهُ: رَجُلٌ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَالْوَلِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute