للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيَمْشُونَ بِهِ مُسْرِعِينَ دُونَ الْخَبَبِ) لِأَنَّهُ حِينَ سُئِلَ عَنْهُ قَالَ: مَا دُونَ الْخَبَبِ

(وَإِذَا بَلَغُوا إلَى قَبْرِهِ يُكْرَهُ أَنْ يَجْلِسُوا قَبْلَ أَنْ يُوضَعَ عَنْ أَعْنَاقِ الرِّجَالِ) لِأَنَّهُ قَدْ تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى التَّعَاوُنِ وَالْقِيَامُ أَمْكَنُ مِنْهُ

قَالَ:

كَانَ يَمْشِي عَلَى رُءُوسِ أَصَابِعِهِ وَصُدُورِ قَدَمَيْهِ» وَكَانَ حَالَةَ ضَرُورَةٍ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ.

وَقَوْلُهُ (وَيَمْشُونَ بِهِ مُسْرِعِينَ دُونَ الْخَبَبِ) الْخَبَبُ ضَرْبٌ مِنْ الْعَدْوِ دُونَ الْعَنَقِ لِأَنَّ الْعَنَقَ خَطْوٌ فَسِيحٌ وَاسِعٌ " لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ سُئِلَ عَنْ الْمَشْيِ فِي الْجِنَازَةِ فَقَالَ: «مَا دُونَ الْخَبَبِ، فَإِنْ يَكُنْ خَيْرًا عَجَّلْتُمُوهُ إلَيْهِ، وَإِنْ يَكُنْ شَرًّا وَضَعْتُمُوهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» أَوْ قَالَ «فَبُعْدًا لِأَهْلِ النَّارِ» وَالْخَبَبُ مَكْرُوهٌ لِأَنَّ فِيهِ ازْدِرَاءً بِالْمَيِّتِ وَإِضْرَارًا بِالْمُتَّبِعِينَ. وَالْمَشْيُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ أَفْضَلُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قُدَّامَهَا أَفْضَلُ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا يَمْشِيَانِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ. وَلَنَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ مَشْي خَلْفَ جِنَازَةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» وَعَلِيٌّ كَانَ يَمْشِي خَلْفَ الْجِنَازَةِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَضْلُ الْمَشْيِ خَلْفَ الْجِنَازَةِ عَلَى الْمَشْيِ أَمَامَهَا كَفَضْلِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَى النَّافِلَةِ. وَفِعْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّيْسِيرِ عَلَى النَّاسِ لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَحْتَرِزُونَ عَنْ الْمَشْيِ أَمَامَهَا، فَلَوْ اخْتَارَ الْمَشْيَ خَلْفَهَا لَضَاقَ الطَّرِيقُ عَلَى مَنْ يُشَيِّعُهَا، وَهَكَذَا أَجَابَ عَلِيٌّ حِينَ قِيلَ لَهُ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا يَمْشِيَانِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ قَالَ: يَرْحَمُهُمَا اللَّهُ إنَّهُمَا قَدْ عَرَفَا أَنَّ الْمَشْيَ خَلْفَهَا أَفْضَلُ وَلَكِنَّهُمَا أَرَادَا تَيْسِيرَ الْأَمْرِ عَلَى النَّاسِ.

وَقَوْلُهُ (وَإِذَا بَلَغُوا إلَى قَبْرِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>