وَالْمُرَادُ بِهِ دَيْنٌ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ حَتَّى لَا يَمْنَعَ دَيْنٌ النَّذْرَ وَالْكَفَّارَةَ، وَدَيْنُ الزَّكَاةِ مَانِعٌ حَالَ بَقَاءِ النِّصَابِ لِأَنَّهُ يُنْتَقَصُ بِهِ النِّصَابُ، وَكَذَا بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ خِلَافًا لِزُفَرَ فِيهِمَا
الْمَدْيُونَ إذَا كَانَ لَهُ صُنُوفٌ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ وَالدَّيْنُ يَسْتَغْرِقُ بَعْضَهَا صُرِفَ أَوَّلًا إلَى النُّقُودِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْهُ صُرِفَ إلَى عُرُوضِ التِّجَارَةِ دُونَ السَّائِمَةِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْهُ صُرِفَ إلَى مَالِ الْقِنْيَةِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ نَصِيبٌ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ يُصْرَفُ إلَى أَقَلِّهَا زَكَاةً حَتَّى إنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُصْرَفُ الدَّيْنُ إلَى الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَلَا يُصْرَفُ إلَى الْبَقَرِ، ثُمَّ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ صَرَفَهُ إلَى الْغَنَمِ وَإِنْ شَاءَ إلَى الْإِبِلِ لِاتِّحَادِ الْوَاجِبِ فِيهِمَا، وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ مَا كَانَ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ لَا يُصْرَفُ الدَّيْنُ إلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ (وَالْمُرَادُ دَيْنٌ لَهُ مُطَالِبٌ) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (حَالَ بَقَاءِ النِّصَابِ وَكَذَا بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ) صُورَتُهُ: رَجُلٌ مَلَكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَمَضَى عَلَيْهِ حَوْلَانِ لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاةُ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ وُجُوبَ زَكَاةِ السَّنَةِ الْأُولَى صَارَ مَانِعًا عَنْ وُجُوبِهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِانْتِقَاصِ النِّصَابِ بِزَكَاةِ الْأُولَى، وَلَوْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَاسْتُهْلِكَ النِّصَابُ قَبْلَ أَدَاءِ الزَّكَاةِ ثُمَّ اسْتَفَادَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَى الْمُسْتَفَادِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْمُسْتَفَادِ لِأَنَّ وُجُوبَ زَكَاةِ النِّصَابِ الْأَوَّلِ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ بِسَبَبِ الِاسْتِهْلَاكِ فَمَنَعَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ.
وَقَوْلُهُ (خِلَافًا لِزُفَرَ فِيهِمَا) أَيْ فِي النِّصَابِ الَّذِي وَجَبَ فِيهِ الزَّكَاةُ وَفِي النِّصَابِ الَّذِي وَجَبَ فِيهِ دَيْنُ الِاسْتِهْلَاكِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ هَذَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute