وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: لَا يَجُوزُ التَّوَضِّي بِمَاءِ الزَّعْفَرَانِ وَأَشْبَاهِهِ مِمَّا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ مَاءٌ مُقَيَّدٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ مَاءُ الزَّعْفَرَانِ بِخِلَافِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ؟ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَخْلُو عَنْهَا عَادَةً وَلَنَا أَنَّ اسْمَ الْمَاءِ بَاقٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَلَّا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ اسْمٌ عَلَى حِدَةٍ وَإِضَافَتُهُ إلَى الزَّعْفَرَانِ كَإِضَافَتِهِ إلَى الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ، وَلِأَنَّ الْخَلْطَ الْقَلِيلَ لَا مُعْتَبَرَ بِهِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ كَمَا فِي أَجْزَاءِ الْأَرْضِ فَيُعْتَبَرُ الْغَالِبُ، وَالْغَلَبَةُ بِالْأَجْزَاءِ لَا بِتَغَيُّرِ اللَّوْنِ هُوَ الصَّحِيحُ، فَإِنْ تَغَيَّرَ
أَبِي يُوسُفَ.
وَقَوْلُهُ: (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ) ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ: (وَإِضَافَتُهُ إلَى الزَّعْفَرَانِ كَإِضَافَتِهِ إلَى الْبِئْرِ) يَعْنِي أَنَّهَا لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلتَّقْيِيدِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُضَافَ إذَا لَمْ يَكُنْ خَارِجًا مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ بِالْعِلَاجِ فَالْإِضَافَةُ لِلتَّعْرِيفِ، وَمَاءُ الزَّعْفَرَانِ وَمَاءُ الْبِئْرِ وَمَاءُ الْعَيْنِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَإِنْ كَانَ خَارِجًا مِنْهُ فَهِيَ التَّقْيِيدُ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ، فَبَقِيَ الِاعْتِبَارُ لِلْخَلْطِ، وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْغَلَبَةُ بِالْأَجْزَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ أَجْزَاءُ الْمَاءِ غَالِبَةً وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِبَقَائِهِ عَلَى رِقَّتِهِ جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ أَجْزَاءُ الْمَخْلُوطِ غَالِبَةً بِأَنْ صَارَ ثَخِينًا زَالَ عَنْهُ رِقَّتُهُ الْأَصْلِيَّةُ لَمْ يَجُزْ.
وَقَوْلُهُ: (هُوَ الصَّحِيحُ) نَفْيٌ لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ يَعْتَبِرُ الْغَلَبَةَ بِتَغَيُّرِ اللَّوْنِ وَالطَّعْمِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ مَا قِيلَ الطَّاهِرُ الْمَخْلُوطُ بِالْمَاءِ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَوْنُهُ كَلَوْنِ الْمَاءِ أَوْ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute