وَجْهُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ أَنَّ الِاسْمَ الْمَذْكُورَ فِي الْخِطَابِ يَنْتَظِمُ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ. وَوَجْهُ الثَّانِي تَحْقِيقُ النَّظَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا
وَقِيلَ صُورَتُهَا: إذَا كَانَ لَهُ نِصَابُ سَائِمَةٍ فَمَضَى عَلَيْهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَتَوَالَدَتْ مِثْلَ عَدَدِهَا ثُمَّ هَلَكَتْ الْأُصُولُ وَبَقِيَتْ الْأَوْلَادُ هَلْ يَبْقَى حَوْلُ الْأُصُولِ عَلَى الْأَوْلَادِ؟ عِنْدَهُمَا لَا يَبْقَى، وَعِنْدَ الْبَاقِينَ يَبْقَى. وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْت عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فَقُلْت: مَا تَقُولُ فِيمَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ حَمَلًا؟ فَقَالَ فِيهَا شَاةٌ مُسِنَّةٌ فَقُلْت: رُبَّمَا تَأْتِي قِيمَةُ الشَّاةِ عَلَى أَكْثَرِهَا أَوْ جَمِيعِهَا، فَتَأَمَّلَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: لَا وَلَكِنْ تُؤْخَذُ وَاحِدَةٌ مِنْهَا، فَقُلْت: أَيُؤْخَذُ الْحَمَلُ فِي الزَّكَاةِ؟ فَتَأَمَّلَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: لَا إذًا لَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ، فَأَخَذَ بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ زُفَرُ، وَبِقَوْلِهِ الثَّانِي أَبُو يُوسُفَ، وَبِقَوْلِهِ الثَّالِثِ مُحَمَّدٌ، وَعُدَّ هَذَا مِنْ مَنَاقِبِهِ حَيْثُ تَكَلَّمَ فِي مَسْأَلَةٍ فِي مَجْلِسٍ بِثَلَاثَةِ أَقَاوِيلَ فَلَمْ يُضَعْ شَيْءٌ مِنْهَا (وَجْهُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ إنَّ الِاسْمَ الْمَذْكُورَ فِي الْخِطَابِ) يَعْنِي قَوْلَهُ ﵊ «فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ السَّائِمَةِ شَاةٌ» (يَنْتَظِمُ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ) لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ كَاسْمِ الْآدَمِيِّ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ إبِلٍ فَأَكَلَ لَحْمَ الْفَصِيلِ حَنِثَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ قَلِيلٌ مِنْ الْكَثِيرِ، وَأَخْذُ الْمُسِنَّةِ مِنْ الصِّغَارِ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ قِيمَتَهَا قَدْ تَأْتِي عَلَى أَكْثَرِ النِّصَابِ (وَوَجْهُ قَوْلِهِ الثَّانِي) أَنَّا لَوْ أَوْجَبْنَا فِيهَا مَا يَجِبُ فِي الْمَسَانِّ وَهُوَ لَا يُوجَدُ فِيهَا كَانَ إضْرَارًا بِصَاحِبِ الْمَالِ وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُجُوبِ، وَلَوْ لَمْ نُوجِبْ شَيْئًا كَانَ إضْرَارًا بِالْفُقَرَاءِ لِأَنَّ الصِّغَارَ نِصَابٌ، فَإِنَّ الْكِبَارَ يَكْمُلُ بِهَا نِصَابٌ وَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ كَانَ نِصَابًا بِنَفْسِهِ كَالْمَهَازِيلِ، وَعَكْسُهُ الْحُمْلَانُ فَإِنَّهَا لَا يَكْمُلُ بِهَا نِصَابٌ فَلَا تَكُونُ فِي نَفْسِهَا نِصَابًا فَأَوْجَبْنَا وَاحِدَةً مِنْهَا كَمَا فِي الْمَهَازِيلِ فَإِنَّا لَا نُوجِبُ فِيهَا السَّمِينَ وَإِنَّمَا نُوجِبُ وَاحِدَةً مِنْهَا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (تَحْقِيقُ النَّظَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute