تَعَالَى، إلَّا أَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَهُ أَنْ لَا يَأْخُذَ وَيُطَالِبَ بِعَيْنِ الْوَاجِبِ أَوْ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ. وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يُجْبَرُ لِأَنَّهُ لَا بَيْعَ فِيهِ بَلْ هُوَ إعْطَاءٌ بِالْقِيمَةِ.
(وَيَجُوزُ دَفْعُ الْقِيَمِ فِي الزَّكَاةِ) عِنْدَنَا وَكَذَا فِي الْكَفَّارَاتِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْعُشْرِ
بِتَخْيِيرِهِ، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ إذَا سَمَحَتْ نَفْسُ مَنْ عَلَيْهِ، إذْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ يَخْتَارُ مَا هُوَ الْأَرْفَقُ بِالْفُقَرَاءِ. وَأَقُولُ: ظَاهِرُ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لِلْمُصَدِّقِ حَيْثُ قَالَ لَهُ أَنْ لَا يَأْخُذَ وَيُطَالِبَ بِعَيْنِ الْوَاجِبِ أَوْ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لِمَنْ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ يُجْبَرُ لِأَنَّهُ لَا بَيْعَ فِيهِ بَلْ هُوَ إعْطَاءٌ بِالْقِيمَةِ، وَلَا بُعْدَ فِي أَنْ يَكُونَ مُخْتَارُ الْمُصَنِّفِ التَّفْضِيلَ بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الدَّلِيلِ، هَذَا إذَا أَرَادَ بِالْكِتَابِ الْهِدَايَةَ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْقُدُورِيُّ فَالظَّاهِرُ مِنْهُ لَيْسَ بِمُرَادٍ كَمَا اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ، وَفِي قَوْلِهِ وَرُدَّ الْفَضْلُ إشَارَةً إلَى نَفْيِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ أَنَّ جُبْرَانَ مَا بَيْنَ السِّنِينَ مُقَدَّرٌ عِنْدَهُ بِشَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا لِقَوْلِهِ ﷺ «مَنْ وَجَبَ فِي إبِلِهِ بِنْتُ لَبُونٍ فَلَمْ يَجِدْ الْمُصَدِّقُ إلَّا حِقَّةً أَخَذَهَا وَرَدَّ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَمَا اسْتَيْسَرَتَا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا بِنْتَ مَخَاضٍ أَخَذَهَا وَأَخَذَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَمَا اسْتَيْسَرَتَا عَلَيْهِ» وَعِنْدَنَا ذَلِكَ بِحَسَبِ الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ، وَإِنَّمَا قَالَ ﵊ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ مَا بَيْنَ السِّنِينَ فِي زَمَانِهِ كَانَ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَا أَنَّهُ تَقْدِيرٌ شَرْعِيٌّ، وَكَيْفَ ذَلِكَ وَرُبَّمَا يُؤَدِّي إلَى الْإِضْرَارِ بِالْفُقَرَاءِ أَوْ الْإِجْحَافِ بِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ، لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْحِقَّةَ وَرَدَّ شَاتَيْنِ فَرُبَّمَا تَكُونُ قِيمَتُهُمَا قِيمَةَ الْحِقَّةِ فَيَصِيرُ تَارِكًا لِلزَّكَاةِ عَلَيْهِ مَعْنًى وَهُوَ إضْرَارٌ بِالْفُقَرَاءِ، وَإِذَا أَخَذَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَشَاتَيْنِ فَقَدْ تَكُونُ قِيمَتُهَا قِيمَةَ بِنْتِ اللَّبُونِ فَيَكُونُ آخِذًا لِلزَّكَاةِ مِنْهَا وَابْنَةُ الْمَخَاضِ تَكُونُ زِيَادَةً وَفِيهِ إجْحَافٌ بِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ
قَالَ (وَيَجُوزُ دَفْعُ الْقِيَمِ فِي الزَّكَاةِ) أَدَاءُ الْقِيمَةِ مَكَانَ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي الزَّكَوَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute