أَبِي يُوسُفَ يُصْرَفُ إلَى الْعَفْوِ أَوَّلًا ثُمَّ إلَى النِّصَابِ شَائِعًا.
(وَإِذَا أَخَذَ الْخَوَارِجُ الْخَرَاجَ وَصَدَقَةَ السَّوَائِمِ لَا يُثَنِّي عَلَيْهِمْ)
وَبَيَانُ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ لِرَجُلٍ أَرْبَعُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَهَلَكَ مِنْهَا عِشْرُونَ فَفِي الْبَاقِي أَرْبَعُ شِيَاهٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَجِبُ فِيهَا عِشْرُونَ جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنْ بِنْتِ لَبُونً، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَجِبُ نِصْفُ بِنْتِ لَبُونٍ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ مُتَعَلِّقٌ بِالْكُلِّ فَإِذَا هَلَكَ النِّصْفُ سَقَطَ نِصْفُ الْوَاجِبِ. وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْأَرْبَعَ عَفْوٌ وَبَقِيَ الْوَاجِبُ فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ فَيَبْقَى الْوَاجِبُ بِقَدْرِ الْبَاقِي، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْهَالِكَ يُجْعَلُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلُ أَنَّهُ تَابِعٌ وَالنِّصَابُ الْأَوَّلُ هُوَ الْأَصْلُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ عَنْ نُصُبٍ كَثِيرَةٍ وَفِي مِلْكِهِ نِصَابٌ وَاحِدٌ جَازَ فَثَبَتَ أَنَّ النِّصَابَ الْأَوَّلَ أَصْلٌ وَمَا زَادَ كَالتَّابِعِ، فَإِذَا هَلَكَ شَيْءٌ صُرِفَ الْهَلَاكُ إلَى مَا هُوَ التَّابِعُ فَتَجِبُ زَكَاةُ الْعِشْرِينَ وَذَلِكَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ.
قَالَ (إذَا أَخَذَ الْخَوَارِجُ الْخَرَاجَ) الْخَوَارِجُ: قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَرَجُوا عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ الْعَدْلِ بِحَيْثُ يَسْتَحِلُّونَ قَتْلَ الْعَادِلِ وَمَالَهُ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَدَانُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: مَنْ أَذْنَبَ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً فَقَدْ كَفَرَ وَحَلَّ قَتْلُهُ إلَّا أَنْ يَتُوبَ، وَتَمَسَّكُوا بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ فَإِذَا ظَهَرَ هَؤُلَاءِ عَلَى بَلْدَةٍ فِيهَا أَهْلُ الْعَدْلِ فَأَخَذُوا الْخَرَاجَ (وَصَدَقَةَ السَّوَائِمِ) ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْإِمَامُ (لَا يُثَنِّي عَلَيْهِمْ) أَيْ لَا يَأْخُذُ مِنْهُمْ ثَانِيًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute