للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصَارَ كَالِاسْتِهْلَاكِ. وَلَنَا أَنَّ الْوَاجِبَ جُزْءٌ مِنْ النِّصَابِ تَحْقِيقًا لِلتَّيْسِيرِ فَيَسْقُطُ بِهَلَاكِ مَحَلِّهِ كَدَفْعِ الْعَبْدِ بِالْجِنَايَةِ يَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ وَالْمُسْتَحِقُّ فَقِيرٌ يُعِينُهُ الْمَالِكُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُ الطَّلَبُ، وَبَعْدَ طَلَبِ

صَاحِبِ الْحَقِّ يُوجِبُ الضَّمَانَ (فَكَانَ كَالِاسْتِهْلَاكِ وَلَنَا أَنَّ الْوَاجِبَ) لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ بَلْ هُوَ (جُزْءٌ مِنْ النِّصَابِ) عَمَلًا بِكَلِمَةٍ فِي قَوْلِهِ «فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» (وَتَحْقِيقًا لِلتَّيْسِيرِ) فَإِنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ بِقُدْرَةٍ مُيَسِّرَةٍ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ. وَمِنْ التَّيْسِيرِ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ مِنْ النِّصَابِ إذْ الْإِنْسَانُ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِأَدَاءِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَدَاءِ الزَّكَاةِ مِنْ هَذَا النِّصَابِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ مَالٌ سِوَاهُ، لَا سِيَّمَا السُّكَّانُ فِي الْمَفَاوِزِ فَإِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى تَحْصِيلِ شَيْءٍ مِنْ النُّقُودِ لِبُعْدِهِمْ عَنْ الْعُمْرَانِ. فَإِذَا كَانَ جُزْءًا مِنْهُ كَانَ النِّصَابُ مَحَلَّهُ (فَيَسْقُطُ بِهَلَاكِ مَحَلِّهِ كَدَفْعِ الْعَبْدِ بِالْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ) وَإِذَا ظَهَرَ هَذَا سَقَطَ الِاسْتِدْلَال بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهَا تَجِبُ فِي الذِّمَّةِ، وَعُورِضَ بِأَنَّ دَفْعَ الْقِيمَةِ يَجُوزُ عِنْدَكُمْ، وَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ جُزْءًا مِنْ النِّصَابِ لَمَا جَازَ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَيْسَتْ بِجُزْءٍ مِنْ النِّصَابِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ بِأَمْرٍ آخَرَ وَهُوَ الْإِذْنُ بِالِاسْتِدْلَالِ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَقَوْلُهُ (وَالْمُسْتَحِقُّ فَقِيرٌ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ مُنِعَ بَعْدَ الطَّلَبِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ طُلِبَ فَقِيرٌ بِالْأَدَاءِ وَلَمْ يُؤَدِّ حَتَّى هَلَكَ الْمَالُ لَمْ يَجِبْ الضَّمَانُ أَيْضًا فَضْلًا مَا إذَا لَمْ يُطَالِبْهُ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِلطَّلَبِ فَقِيرٌ (يُعِينُهُ الْمَالِكُ) لَا كُلُّ فَقِيرٍ لِأَنَّ لِلْمَالِكِ الرَّأْيَ فِي الصَّرْفِ إلَى مَنْ شَاءَ مِنْ الْفُقَرَاءِ (وَلَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُ الطَّلَبُ) فَلَا يَكُونُ ثَمَّةَ مَنْعٌ بَعْدَ الطَّلَبِ، وَفِي عِبَارَتِهِ تَسَامُحٌ لِأَنَّ الْفَقِيرَ مَصْرِفٌ عِنْدَنَا لَا مُسْتَحِقٌّ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ إلَّا إذَا حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُسْتَحِقُّ لِلطَّلَبِ وَفِيهِ ضَعْفٌ. فَإِنْ قِيلَ: فَالسَّاعِي مُتَعَيِّنٌ لِلطَّلَبِ فَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ بَعْدَ طَلَبِهِ حَتَّى هَلَكَ وَجَبَ أَنْ يَضْمَنَ وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ. أَجَابَ بِقَوْلِهِ (وَبَعْدَ طَلَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>