وَمِنْ الذِّمِّيِّ نِصْفُ الْعُشْرِ وَمِنْ الْحَرْبِيِّ الْعُشْرُ) هَكَذَا أَمَرَ عُمَرُ ﵁ سُعَاتَهُ (وَإِنْ مَرَّ حَرْبِيٌّ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونُوا يَأْخُذُونَ مِنَّا مِنْ مِثْلِهَا)؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْهُمْ بِطَرِيقِ الْمُجَازَاةِ، بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ زَكَاةٌ أَوْ ضِعْفُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ النِّصَابِ وَهَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَفِي كِتَابِ الزَّكَاةِ لَا نَأْخُذُ مِنْ الْقَلِيلِ وَإِنْ كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنَّا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ لَمْ يَزَلْ عَفْوًا وَلِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْحِمَايَةِ. قَالَ (وَإِنْ مَرَّ حَرْبِيٌّ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَلَا يُعْلَمُ كَمْ يَأْخُذُونَ مِنَّا نَأْخُذُ مِنْهُ الْعُشْرَ) لِقَوْلِ عُمَرَ ﵁: فَإِنْ أَعْيَاكُمْ فَالْعُشْرُ (وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ مِنَّا رُبْعَ
عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَشَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ وَلَهُمْ مَقْبُولَةٌ كَشَهَادَةِ الْمُسْلِم عَلَى الذِّمِّيِّ، ثُمَّ الذِّمِّيُّ يُؤْخَذُ مِنْهُ ضِعْفُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِ، فَكَذَلِكَ الْحَرْبِيُّ يُؤْخَذُ مِنْهُ ضِعْفُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الذِّمِّيِّ تَضْعِيفًا لَا تَبْدِيلًا.
(وَإِنْ مَرَّ حَرْبِيٌّ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونُوا يَأْخُذُونَ مِنَّا مِنْ مِثْلِهَا) لِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْهُمْ بِطَرِيقِ الْمُجَازَاةِ إلَيْهِ أَشَارَ عُمَرُ ﵁ لَمَّا سُئِلَ حِينَ نَصَّبَ الْعَاشِرَ فَقِيلَ لَهُ: كَمْ نَأْخُذُ مِمَّا مَرَّ بِهِ الْحَرْبِيُّ؟ فَقَالَ: كَمْ يَأْخُذُونَ مِنَّا؟ فَقَالُوا: الْعُشْرَ، فَقَالَ: خُذُوا مِنْهُمْ الْعُشْرَ. وَلَسْنَا نَعْنِي بِقَوْلِنَا بِطَرِيقِ الْمُجَازَاةِ أَنَّ أَخْذَنَا لِمُقَابَلَةِ أَخْذِهِمْ أَمْوَالَنَا، فَإِنَّ أَخْذَهُمْ أَمْوَالَنَا ظُلْمٌ وَأَخْذَنَا أَمْوَالَهُمْ حَقٌّ، لَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّا إذَا عَامَلْنَاهُمْ بِمِثْلِ مَا يُعَامِلُونَنَا كَانَ ذَلِكَ أَقْرَبَ إلَى مَقْصُودِ الْأَمَانِ وَاتِّصَالِ التِّجَارَاتِ. لَا يُقَالُ: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَنَافٍ لِأَنَّهُ قَالَ قَبْلَ هَذَا لِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْهُمْ بِطَرِيقِ الْحِمَايَةِ، وَقَالَ هَاهُنَا: لِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْهُمْ بِطَرِيقِ الْمُجَازَاةِ، وَإِذَا كَانَ الْأَخْذُ مَعْلُولًا لِأَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ مَعْلُولًا لِغَيْرِهِ لِئَلَّا يَتَوَارَدَ عِلَّتَانِ عَلَى مَعْلُولٍ وَاحِدٍ بِالشَّخْصِ لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَخْذُ مِنْهُمْ مَعْلُومٌ لِلْحِمَايَةِ. وَأَمَّا الْمِقْدَارُ الْمُعَيَّنُ وَهُوَ الْعُشْرُ فَمَعْلُولٌ لِلْمُجَازَاةِ إلَخْ، وَلَا تَنَافِيَ فِي ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ (بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ) وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُ (فَإِنْ أَعْيَاكُمْ فَالْعُشْرُ) تَقُولُ عَيِيت بِأَمْرِي إذَا لَمْ تَهْتَدِ لِوُجْهَتِهِ، وَأَعْيَانِي هُوَ، وَقِيلَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعِيِّ وَهُوَ الْجَهْلُ، فَإِنْ أَعْيَاكُمْ: أَيْ جَهْلُكُمْ: يُعْنَى إذَا اشْتَبَهَ الْحَالُ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَاشِرُ مَا يَأْخُذُونَ مِنْ تُجَّارِنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute