(قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ﵀: فِي قَلِيلِ مَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ وَكَثِيرِهِ الْعُشْرُ، سَوَاءٌ سُقِيَ سَيْحًا أَوْ سَقَتْهُ السَّمَاءُ، إلَّا الْحَطَبَ وَالْقَصَبَ وَالْحَشِيشَ. وَقَالَا: لَا يَجِبُ الْعُشْرُ إلَّا فِيمَا لَهُ ثَمَرَةٌ بَاقِيَةٌ إذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا بِصَاعِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَلَيْسَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ عِنْدَهُمَا عُشْرٌ) فَالْخِلَافُ فِي مَوْضِعَيْنِ: فِي اشْتِرَاطِ النِّصَابِ، وَفِي اشْتِرَاطِ الْبَقَاءِ. لَهُمَا فِي الْأَوَّلِ قَوْلُهُ ﵊ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ»
مُؤْنَةٌ فِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ، وَالْعِبَادَاتُ الْخَالِصَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهَا (قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ﵀) فِي كُلِّ مَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَيَنْبَغِي بِهِ النَّمَاءُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا يَبْقَى مِنْ سَنَةٍ إلَى سَنَةٍ أَوْ لَا يُوَسَّقُ أَوْ لَا يُسْقَى سَيْحًا أَيْ بِمَاءٍ جَارٍ، أَوْ سَقَتْهُ السَّمَاءُ، أَيْ الْمَطَرُ الْعُشْرُ، (إلَّا الْحَطَبَ وَالْقَصَبَ وَالْحَشِيشَ) وَالتِّبْنَ وَالسَّعَفَ، (وَقَالَا: لَا يَجِبُ الْعُشْرُ إلَّا فِيمَا لَهُ ثَمَرَةٌ بَاقِيَةٌ) تَبْقَى مِنْ سَنَةٍ إلَى سَنَةٍ (إذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ كُلُّ وَسْقٍ سِتُّونَ صَاعًا بِصَاعِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ) قَيَّدَ بِالثَّمَرَةِ احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِهَا، وَهِيَ اسْمٌ لِشَيْءٍ مِنْ أَصْلٍ وَقَيَّدَ بِالْبَاقِيَةِ احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِهَا وَحَدُّ الْبَقَاءِ أَنْ يَبْقَى سَنَةً فِي الْغَالِبِ مِنْ غَيْرِ مُعَالَجَةٍ كَثِيرَةٍ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَغَيْرِهَا دُونَ الْخَوْخِ وَالتُّفَّاحِ وَالسَّفَرْجَلِ وَنَحْوِهَا، وَقَيَّدَ بِمَا إذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَ دُونَهَا، وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا بِصَاعِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَخَمْسَةُ أَوْسُقٍ أَلْفٌ وَمِائَتَا مَنٍّ لِأَنَّ كُلَّ صَاعٍ أَرْبَعَةُ أَمْنَاءٍ.
قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَقَالَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ: الْوَسْقُ ثَلَاثُمِائَةِ مَنٍّ (وَلَيْسَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ) كَالْفَوَاكِهِ وَالْبُقُولِ (عُشْرٌ عِنْدَهُمَا) لِأَنَّ الْبُقُولَ لَيْسَتْ بِثَمَرَةٍ وَالْفَوَاكِهُ لَا بَقَاءَ لَهَا سَنَةً إلَّا بِمُعَالَجَةٍ كَثِيرَةٍ (فَالْخِلَافُ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي اشْتِرَاطِ النِّصَابِ وَفِي اشْتِرَاطِ الْبَقَاءِ) وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِهِ ثَمَرَةً لِأَنَّ الْبُقُولَ دَخَلَتْ فِي اشْتِرَاطِ الْبَقَاءِ (لَهُمَا فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِي اشْتِرَاطِ النِّصَابِ (قَوْلُهُ ﷺ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» أَيْ عُشْرٌ لِأَنَّ زَكَاةَ التِّجَارَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute