للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فِيمَا صَحَّ عَنْهُ: قَالَ : اخْتَلَفَتْ النُّسَخُ فِي بَيَانِ قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي بَقَاءِ التَّضْعِيفِ، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِي الْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّ التَّضْعِيفَ الْحَادِثَ لَا يَتَحَقَّقُ عِنْدَهُ لِعَدَمِ تَغَيُّرِ الْوَظِيفَةِ

(وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِمُسْلِمٍ بَاعَهَا مِنْ نَصْرَانِيٍّ) يُرِيدُ بِهِ ذِمِّيًّا غَيْرَ تَغْلِبِيٍّ (وَقَبَضَهَا فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ )؛ لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِحَالِ الْكَافِرِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَيْهِ الْعُشْرُ مُضَاعَفًا) وَيُصْرَفُ مَصَارِفَ الْخَرَاجِ اعْتِبَارًا بِالتَّغْلِبِيِّ وَهَذَا أَهْوَنُ مِنْ التَّبْدِيلِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ . هِيَ عُشْرِيَّةٌ عَلَى حَالِهَا)؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُؤْنَةً لَهَا فَلَا يَتَبَدَّلُ كَالْخَرَاجِ، ثُمَّ فِي رِوَايَةٍ: يُصْرَفُ مَصَارِفَ الصَّدَقَاتِ، وَفِي رِوَايَةٍ: يُصْرَفُ مَصَارِفَ الْخَرَاجِ (فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْهُ مُسْلِمٌ بِالشُّفْعَةِ أَوْ رُدَّتْ عَلَى الْبَائِعِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ فَهِيَ عُشْرِيَّةٌ كَمَا كَانَتْ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِتَحَوُّلِ الصَّفْقَةِ إلَى الشَّفِيعِ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُسْلِمِ،

فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ الْمَبْسُوطِ (وَهُوَ) أَيْ الْعَوْدُ إلَى عُشْرٍ وَاحِدٍ (قَوْلُ مُحَمَّدٍ فِيمَا صَحَّ عَنْهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ : اخْتَلَفَتْ النُّسَخُ) أَيْ نُسَخُ الْمَبْسُوطِ (فِي بَيَانِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ) أَنَّهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ مَعَ أَبِي يُوسُفَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي بَقَاءِ التَّضْعِيفِ) عَلَى الْمُسْلِمِ وَمَا بَعْدَهُ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ.

وَقَوْلُهُ (وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِمُسْلِمٍ بَاعَهَا مِنْ نَصْرَانِيٍّ) أَيْ ذِمِّيٍّ غَيْرِ تَغْلِبِيٍّ، وَإِنَّمَا فُسِّرَ بِذَلِكَ لِأَنَّ لَفْظَ النَّصْرَانِيِّ وَلَفْظَ الذِّمِّيِّ يَتَنَاوَلَانِ التَّغْلِبِيَّ وَغَيْرَهُ مِنْ النَّصَارَى، وَذَكَرَ قُبَيْلَ هَذَا بَيْعَ الْمُسْلِمِ مِنْ التَّغْلِبِيِّ فَكَانَ هَذَا مِنْ غَيْرِ تَغْلِبِيٍّ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَقَبَضَهَا لِيُعْلَمَ بِهِ تَأَكُّدُ مِلْكِ الذِّمِّيِّ فِيهَا وَتَقَرُّرُ الْأَرْضِ عَلَيْهِ حَتَّى إذَا أَخَذَهَا مُسْلِمٌ بِالشُّفْعَةِ أَوْ رُدَّتْ عَلَى الْبَائِعِ تَبْقَى عُشْرِيَّةً كَمَا كَانَتْ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي تَجِيءُ.

وَقَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِحَالِ الْكَافِرِ) إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ خَرَاجٌ وَعُشْرٌ وَاحِدٌ وَعُشْرٌ مُضَاعَفٌ، وَالْعُشْرُ الْمُضَاعَفُ يَعْتَمِدُ الصُّلْحَ وَالتَّرَاضِيَ كَمَا فِي التَّغَالِبَةِ وَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ، وَالْعُشْرُ الْوَاحِدُ فِيهِ مَعْنَى الْقُرْبَةِ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ فَتَعَيَّنَ الْخَرَاجُ لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِهِ لِكَوْنِهِ مُؤْنَةً فِيهَا مَعْنَى الْعُقُوبَةِ وَالْكَافِرُ أَهْلٌ لَهَا. وَقَوْلُهُ (اعْتِبَارٌ بِالتَّغْلِبِيِّ) يَعْنِي أَنَّ مَا كَانَ مَأْخُوذًا مِنْ الْمُسْلِمِ إذَا وَجَبَ أَخْذُهُ مِنْ الْكَافِرِ يُضَعَّفُ عَلَيْهِ كَصَدَقَةِ بَنِي تَغْلِبَ، وَمَا يَمُرُّ بِهِ الذِّمِّيُّ عَلَى الْعَاشِرِ وَهُوَ أَهْوَنُ مِنْ التَّبْدِيلِ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ فِي الْوَصْفِ وَالْخَرَاجُ وَاجِبٌ آخَرُ.

وَقَوْلُهُ (ثُمَّ فِي رِوَايَةٍ: يُصْرَفُ مَصَارِفَ الصَّدَقَاتِ، وَفِي رِوَايَةٍ: يُصْرَفُ مَصَارِفَ الْخَرَاجِ) وَجْهُ الْأُولَى أَنَّ حَقَّ الْفُقَرَاءِ تَعَلَّقَ بِهِ فَهُوَ كَتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُقَاتِلَةِ بِالْأَرَاضِيِ الْخَرَاجِيَّةِ، وَوَجْهُ الثَّانِيَةِ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ أَنَّ مَا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ هُوَ مَا كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى بِطَرِيقِ الْعِبَادَةِ، وَمَالُ الْكَافِرِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَيُصْرَفُ مَصَارِفَ الْخَرَاجِ. وَقَوْلُهُ (فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْهُ مُسْلِمٌ) أَيْ: إنْ أَخَذَ الْأَرْضَ الَّتِي بَاعَهَا الْمُسْلِمُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ مِنْ النَّصْرَانِيِّ مُسْلِمٌ (بِالشُّفْعَةِ أَوْ رُدَّتْ عَلَى الْبَائِعِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ فَهِيَ عُشْرِيَّةٌ كَمَا كَانَتْ أَمَّا الْأَوَّلُ) أَيْ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ (فَلِتَحَوُّلِ الصَّفْقَةِ إلَى الشَّفِيعِ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُسْلِمِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>