مَعْنَاهُ إذَا سَقَاهُ بِمَاءِ الْعُشْرِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تُسْقَى بِمَاءِ الْخَرَاجِ فَفِيهَا الْخَرَاجُ؛ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ فِي مِثْلِ هَذَا تَدُورُ مَعَ الْمَاءِ
(وَلَيْسَ عَلَى الْمَجُوسِيِّ فِي دَارِهِ شَيْءٌ)
هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِبَيَانِ أَنَّ الْحُكْمَ الْأَصْلِيَّ لِلشَّيْءِ يَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ صِفَتِهِ فَإِنَّهَا لَوْ بَقِيَتْ دَارًا كَمَا كَانَتْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ مَالِكُهَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَإِذَا جَعَلَهَا بُسْتَانًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعُشْرُ إنْ سَقَاهُ بِمَاءِ الْعُشْرِ، وَالْخَرَاجُ إنْ سَقَاهُ بِمَاءِ الْخَرَاجِ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ فِي مِثْلِ هَذَا تَدُورُ مَعَ الْمَاءِ لِأَنَّ وَظِيفَةَ الْأَرَاضِي بِاعْتِبَارِ إنْزَالِهَا وَهِيَ إنَّمَا تَكُونُ بِالْمَاءِ وَاسْتُشْكِلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِأَنَّ فِيهَا تَوْظِيفَ الْخَرَاجِ عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي أَبْوَابِ السِّيَرِ مِنْ الزِّيَادَاتِ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُبْتَدَأُ بِتَوْظِيفِ الْخَرَاجِ.
وَأَجَابَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُبْتَدَأُ بِتَوْظِيفِ الْخَرَاجِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ صُنْعٌ يُسْتَدْعَى ذَلِكَ وَهَاهُنَا وُجِدَ مِنْهُ ذَلِكَ وَهُوَ السَّقْيُ بِمَاءِ الْخَرَاجِ إذْ الْخَرَاجُ يَجِبُ حَقًّا لِلْمُقَاتِلَةِ فَيَخْتَصُّ وُجُوبُهُ بِمَا حَوَتْهُ الْمُقَاتِلَةُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَسَقَاهَا بِمَاءِ الْخَرَاجِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي مِثْلِ هَذَا الْأَرْضِ الَّتِي لَمْ يَتَقَرَّرْ أَمْرُهُ عَلَى عُشْرٍ أَوْ خَرَاجٍ وَهُوَ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا كَانَ لِمُسْلِمٍ أَرْضٌ تُسْقَى بِمَاءِ الْعُشْرِ، وَقَدْ اشْتَرَاهَا ذِمِّيٌّ فَإِنَّ مَاءَهَا عُشْرِيٌّ وَفِيهِ الْخَرَاجُ.
وَقَوْلُهُ (وَلَيْسَ عَلَى الْمَجُوسِيِّ فِي دَارِهِ شَيْءٌ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ﵀: إنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute