للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى ذَلِكَ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ

السَّيْفُ، فَعَادُوا إلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالُوا: أَنْتَ الْخَلِيفَةُ أَوْ عُمَرُ؟ بَذَلْت لَنَا الْخَطَّ وَمَزَّقَهُ عُمَرُ، فَقَالَ: هُوَ إنْ شَاءَ وَلَمْ يُخَالِفْهُ (وَعَلَى ذَلِكَ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ) وَاخْتَلَفَ كَلَامُ الْقَوْمِ فِي وَجْهِ سُقُوطِهِ بَعْدَ النَّبِيِّ بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِالْكِتَابِ إلَى حِينِ وَفَاتِهِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ ارْتَكَبَ جَوَازَ نَسْخِ مَا ثَبَتَ بِالْكِتَابِ بِالْإِجْمَاعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ قَطْعِيَّةٌ كَالْكِتَابِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ مِنْ قَبِيلِ انْتِهَاءِ الْحُكْمِ بِانْتِهَاءِ عِلَّتِهِ كَانْتِهَاءِ جَوَازِ الصَّوْمِ بِانْتِهَاءِ وَقْتِهِ وَهُوَ النَّهَارُ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْبَقَاءِ لَا يَحْتَاجُ إلَى عِلَّتِهِ كَمَا فِي الرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ فِي الطَّوَافِ وَقَدْ تَقَدَّمَ، فَانْتِهَاؤُهَا قَدْ لَا يَسْتَلْزِمُ انْتِهَاءَهُ. وَفِيهِ بَحْثٌ قَرَّرْنَاهُ فِي التَّقْرِيرِ.

وَقَالَ شَيْخُ شَيْخِي الْعَلَّامَةُ عَلَاءُ الدِّينِ عَبْدُ الْعَزِيزِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ هَذَا تَقْرِيرٌ لِمَا كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِمْ كَانَ إعْزَازَ الْإِسْلَامِ لِضَعْفِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِغَلَبَةِ أَهْلِ الْكُفْرِ، فَكَانَ الْإِعْزَازُ فِي الدَّفْعِ، فَلَمَّا تَبَدَّلَ الْحَالُ بِغَلَبَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ صَارَ الْإِعْزَازُ فِي الْمَنْعِ فَكَانَ الْإِعْطَاءُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالْمَنْعُ فِي هَذَا الزَّمَانِ بِمَنْزِلَةِ الْآلَةِ لِإِعْزَازِ الدِّينِ، وَالْإِعْزَازُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ فَلَمْ يَكُنْ نَسْخًا: كَالْمُتَيَمِّمِ وَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ لِلتَّطَهُّرِ لِأَنَّهُ آلَةٌ مُتَعَيِّنَةٌ لِحُصُولِ التَّطَهُّرِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، فَإِذَا تَبَدَّلَ حَالُهُ بِوُجْدَانِ الْمَاءِ سَقَطَ الْأَوَّلُ وَوَجَبَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَعَيِّنًا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَلَا يَكُونُ هَذَا نَسْخًا لِلْأَوَّلِ فَكَذَا هَذَا، وَهُوَ نَظِيرُ إيجَابِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَإِنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى الْعَشِيرَةِ فِي زَمَنِهِ وَبَعْدَهُ عَلَى أَهْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>