للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلَّا أَنْ يَنْقُلَهَا الْإِنْسَانُ إلَى قَرَابَتِهِ أَوْ إلَى قَوْمٍ هُمْ أَحْوَجُ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الصِّلَةِ: أَوْ زِيَادَةِ دَفْعِ الْحَاجَةِ، وَلَوْ نَقَلَ إلَى غَيْرِهِمْ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا لِأَنَّ الْمَصْرِفَ مُطْلَقُ الْفُقَرَاءِ بِالنَّصِّ.

فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَلِأَنَّ الْمَصْرِفَ مُطْلَقُ الْفُقَرَاءِ بِالنَّصِّ. وَأَمَّا الْكَرَاهَةُ فَلِحَدِيثِ مُعَاذٍ، وَلِأَنَّ فِي النَّقْلِ تَرْكَ رِعَايَةِ حَقِّ الْجِوَارِ، وَأَمَّا عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِيمَا إذَا نَقَلَ إلَى قَرَابَتِهِ فَلِمَا فِيهِ مِنْ أَجْرِ الصَّدَقَةِ وَأَجْرِ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَأَمَّا إلَى قَوْمٍ هُمْ أَحْوَجُ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ فَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ خَلَّةِ الْفَقِيرِ فَمَنْ كَانَ أَحْوَجَ كَانَ أَوْلَى، وَقَدْ صَحَّ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بِالْيَمِينِ: ائْتُونِي بِخَمِيسٍ أَوْ لَبِيسٍ آخُذُهُ مِنْكُمْ فِي الصَّدَقَةِ، فَإِنَّهُ أَيْسَرُ عَلَيْكُمْ وَأَنْفَعُ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ، وَالْخَمِيسُ الثَّوْبُ الصَّغِيرُ طُولُهُ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ، وَاللَّبِيسُ الْخَلَقُ، وَطُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فِي أَنَّهُ اُعْتُبِرَ هَاهُنَا مَكَانُ الْمَالِ وَفِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ وُجُوبَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمَوْلَى فِي ذِمَّتِهِ عَنْ رَأْسِهِ فَحَيْثُ كَانَ رَأْسُهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَرَأْسُ مَمَالِيكِهِ فِي حَقِّهِ كَرَأْسِهِ فِي وُجُوبِ الْمُؤْنَةِ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الصَّدَقَةِ فَيَجِبُ حَيْثُمَا كَانَتْ رُءُوسُهُمْ، وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَإِنَّهَا تَجِبُ فِي الْمَالِ وَلِهَذَا إذَا هَلَكَ الْمَالُ سَقَطَتْ فَاعْتُبِرَ بِمَكَانِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>