للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَهُ عَلَى الْعَبْدِ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَلَا وُجُوبَ بِالِاتِّفَاقِ.

(وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَأَحَدُهُمَا بِالْخِيَارِ فَفِطْرَتُهُ عَلَى مَنْ يَصِيرُ لَهُ) مَعْنَاهُ إذَا مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ وَالْخِيَارُ بَاقٍ، وَقَالَ زُفَرُ : عَلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ لِأَنَّهُ مِنْ وَظَائِفِهِ كَالنَّفَقَةِ، وَلَنَا أَنَّ الْمِلْكَ مَوْقُوفٌ

الذِّكْرِ لِأَنَّ الشُّهْرَةَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الذِّكْرِ (وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ يَسْتَدِلُّ لِإِثْبَاتِ هَذَا الْأَصْلِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ «فَرَضَ صَدَقَةً عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ» فَإِنَّ كَلِمَةَ " عَلَى " لِلْإِيجَابِ وَلَنَا قَوْلُهُ «أَدُّوا عَمَّنْ تَمُونُونَ» فَإِنَّ الْوُجُوبَ عَلَى مَنْ خُوطِبَ بِالْأَدَاءِ وَهُمْ الْمَوَالِي، وَكَلِمَةُ " عَلَى " فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِمَعْنَى عَنْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ﴾ أَيْ عَنْ النَّاسِ (لَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَلَا وُجُوبَ بِالِاتِّفَاقِ) أَمَّا عِنْدَنَا فَظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْوُجُوبِ عَلَيْهِ وَلَا لِلْأَدَاءِ، وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلِأَنَّ تَحَمُّلَ الْمَوْلَى عَنْ مَمْلُوكِهِ يَسْتَدْعِي أَهْلِيَّةَ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ وَالْكَافِرُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لَهُ، وَالْوُجُوبُ عِنْدَهُ بِاعْتِبَارِ تَحَمُّلِ الْمَوْلَى الْأَدَاءَ عَنْهُ، فَإِذَا انْعَدَمَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَمْلُوكِ لَمْ يَجِبْ أَصْلًا

(وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَأَحَدُهُمَا بِالْخِيَارِ فَفِطْرَتُهُ عَلَى مَنْ يَصِيرُ لَهُ) حَقٌّ إذَا تَمَّ الْبَيْعُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ اُنْتُقِضَ فَعَلَى الْبَائِعِ. وَقَوْلُهُ (مَعْنَاهُ إذَا مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ وَالْخِيَارُ بَاقٍ) قَالَ الْإِمَامُ حُمَيْدُ الدِّينِ الضَّرِيرُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا مِنْ قَبِيلِ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ وَإِرَادَةِ الْبَعْضِ لِأَنَّ مُضِيَّ كُلِّ يَوْمِ الْفِطْرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ (وَقَالَ زُفَرُ عَلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ) لِأَنَّ سَبَبَ الصَّدَقَةِ الْوِلَايَةُ الْكَامِلَةُ وَالْوِلَايَةُ الْكَامِلَةُ لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ، لِأَنَّهُ إنْ أَجَازَهُ تَمَّ وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ انْفَسَخَ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ) وَهُوَ الْمُشْتَرِي، فَإِنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي كَخِيَارِ الْعَيْبِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (لِأَنَّهُ) أَيْ صَدَقَةَ الْفِطْرِ بِمَعْنَى التَّصَدُّقِ (مِنْ وَظَائِفِهِ) أَيْ الْمِلْكِ وَمَا هُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ عَلَى الْمَالِكِ (كَالنَّفَقَةِ) فَإِنَّهَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ عَلَى الْمَالِكِ (وَلَنَا أَنَّ الْمِلْكَ مَوْقُوفٌ) يَعْنِي سَلَّمْنَا أَنَّهَا وَظِيفَةُ الْمِلْكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>