وَكَالْمُسْتَمْنِي بِالْكَفِّ عَلَى مَا قَالُوا (وَلَوْ ادَّهَنَ لَمْ يُفْطِرْ) لِعَدَمِ الْمُنَافِي (وَكَذَا إذَا احْتَجَمَ) لِهَذَا وَلِمَا رَوَيْنَا (وَلَوْ اكْتَحَلَ لَمْ يُفْطِرْ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدِّمَاغِ مَنْفَذٌ وَالدَّمْعُ يَتَرَشَّحُ كَالْعَرَقِ وَالدَّاخِلُ مِنْ الْمَسَامِّ لَا يُنَافِي
حَسْنَاءَ إذَا أَمْنَى (وَكَالْمُسْتَمْنِي بِالْكَفِّ) يَعْنِي إذَا عَالَجَ ذَكَرَهُ بِكَفِّهِ حَتَّى أَمْنَى لَمْ يُفْطِرْ (عَلَى مَا قَالُوا) أَيْ الْمَشَايِخُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ، وَأَبِي الْقَاسِمِ لِعَدَمِ الْجِمَاعِ صُورَةً وَمَعْنًى. وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَفْسُدُ صَوْمُهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّجْنِيسِ: الصَّائِمُ إذَا عَالَجَ ذَكَرَهُ بِيَدِهِ حَتَّى أَمْنَى يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ هُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّهُ وُجِدَ الْجِمَاعُ مَعْنًى.
قِيلَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَعْنَى الْجِمَاعِ يَعْتَمِدُ الْمُبَاشَرَةَ عَلَى مَا قُلْنَا وَلَمْ يُوجَدْ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَاهُ وُجِدَ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْجِمَاعِ وَهُوَ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ، وَهَلْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إنْ أَرَادَ الشَّهْوَةَ؟ لَا يَحِلُّ لِقَوْلِهِ ﵊ «نَاكِحُ الْيَدِ مَلْعُونٌ وَإِنْ أَرَادَ تَسْكِينَ مَا بِهِ مِنْ الشَّهْوَةِ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ وَبَالٌ» (وَلَوْ ادَّهَنَ أَوْ احْتَجَمَ لَمْ يُفْطِرْ لِعَدَمِ الْمُنَافِي) وَقَوْلُهُ (لِمَا رَوَيْنَا) يَعْنِي بِهِ قَوْلَهُ ﵊ «ثَلَاثٌ لَا يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ» الْحَدِيثَ (وَلَوْ اكْتَحَلَ لَمْ يُفْطِرْ) وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ (لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدِّمَاغِ مَنْفَذٌ) فَمَا وَجَدَ فِي حَلْقِهِ مِنْ طَعْمِهِ إنَّمَا هُوَ أَثَرُهُ لَا عَيْنُهُ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَنْفَذٌ لَمَا خَرَجَ الدَّمْعُ. أَجَابَ بِأَنَّ الدَّمْعَ يَرْتَشِحُ كَالْعَرَقِ: يَعْنِي أَنَّهُ دَاخِلٌ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute