هُوَ يَعْتَبِرُ خَوْفَ الْهَلَاكِ أَوْ فَوَاتَ الْعُضْوِ كَمَا يَعْتَبِرُ فِي التَّيَمُّمِ، وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ زِيَادَةَ الْمَرَضِ وَامْتِدَادَهُ قَدْ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ فَيَجِبُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ (وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا لَا يَسْتَضِرُّ بِالصَّوْمِ فَصَوْمُهُ أَفْضَلُ، وَإِنْ أَفْطَرَ جَازَ) لِأَنَّ السَّفَرَ لَا يَعْرَى عَنْ الْمَشَقَّةِ فَجُعِلَ نَفْسُهُ عُذْرًا، بِخِلَافِ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ قَدْ يُخَفَّفُ بِالصَّوْمِ فَشُرِطَ كَوْنُهُ مُفْضِيًا إلَى الْحَرَجِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: الْفِطْرُ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ ﷺ «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» وَلَنَا أَنَّ رَمَضَانَ أَفْضَلُ الْوَقْتَيْنِ فَكَانَ الْأَدَاءُ فِيهِ أَوْلَى، وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْجَهْدِ (وَإِذَا مَاتَ الْمَرِيضُ أَوْ الْمُسَافِرُ وَهُمَا عَلَى حَالِهِمَا يَلْزَمُهُمَا الْقَضَاءُ)
أَحَبُّ فِي السَّفَرِ مِنْ الْإِفْطَارِ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ. اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ ﵀ بِقَوْلِهِ ﷺ «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا صَائِمٌ، فَقَالَ: لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ» الْحَدِيثَ (وَلَنَا أَنَّ رَمَضَانَ أَفْضَلُ الْوَقْتَيْنِ) لِأَنَّ ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ كَالْخَلَفِ عَنْ رَمَضَانَ، وَالْخَلَفُ لَا يُسَاوِي الْأَصْلَ بِحَالٍ (وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْجَدِّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ: أَيْ الْمَشَقَّةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي سَبَبِهِ آنِفًا.
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ مَاتَ الْمَرِيضُ أَوْ الْمُسَافِرُ وَهُمَا عَلَى حَالِهِمَا) أَيْ مِنْ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ (لَمْ يَلْزَمْهُمَا الْقَضَاءُ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءَ فِي عِدَّةٍ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute