للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ فِي رَمَضَانَ أَمْسَكَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا) قَضَاءً لِحَقِّ الْوَقْتِ بِالتَّشَبُّهِ

كَانَ فِي تَرْكِ الْإِفْطَارِ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا.

وَقَوْلُهُ (وَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ) الْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ كُلَّ مَنْ صَارَ فِي آخِرِ النَّهَارِ بِصِفَةٍ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا فِي أَوَّلِهِ لَزِمَهُ الصَّوْمُ فَعَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ كَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ يَطْهُرَانِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ مَعَهُ، وَالْمَجْنُونِ يُفِيقُ وَالْمَرِيضِ يَبْرَأُ، وَالْمُسَافِرِ يَقْدَمُ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ الْأَكْلِ، وَالْمُفْطِرِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ مُكْرَهًا، أَوْ أَكَلَ يَوْمَ الشَّكِّ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ تَسَحَّرَ عَلَى ظَنِّ عَدَمِ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ كَمَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ. ثُمَّ وُجُوبُ الْإِمْسَاكِ إنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا يَذْكُرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: إذْ قَدِمَ الْمُسَافِرُ، أَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ. وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الصَّفَّارُ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَى الْإِيجَابِ لِأَنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ " فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ " وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ. وَقَالَ فِي الْحَائِضِ: إذَا طَهُرَتْ فِي بَعْضِ النَّهَارِ فَلْتَدَعْ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَهَذَا أَمْرٌ أَيْضًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ، لِأَنَّهُ مُفْطِرٌ فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفُّ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْحَائِضِ: طَهُرَتْ فِي بَعْضِ النَّهَارِ وَلَا يَحْسُنُ لَهَا أَنْ تَأْكُلَ وَتَشْرَبَ وَالنَّاسُ صِيَامٌ. وَأُجِيبَ عَنْ الثَّانِي. بِأَنَّ هَذَا الْإِمْسَاكَ لَيْسَ عَلَى جِهَةِ الصَّوْمِ حَتَّى يُنَافِيَ الْإِفْطَارَ الْمُتَقَدِّمَ، وَإِنَّمَا هُوَ قَضَاءٌ لِحَقِّ الْوَقْتِ بِالتَّشَبُّهِ، وَمَعْنَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَحْسُنُ لَهَا يَقْبُحُ مِنْهَا، وَتَرْكُ الْقَبِيحِ شَرْعًا مِنْ الْوَاجِبَاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>