للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَمَامُهُ فِي الْخِلَافِيَّاتِ، ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَصْلِيِّ وَالْعَارِضِيِّ، قِيلَ هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ إذَا بَلَغَ مَجْنُونًا الْتَحَقَ بِالصَّبِيِّ فَانْعَدَمَ الْخِطَابُ بِخِلَافِ مَا إذَا بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ، وَهَذَا مُخْتَارُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ

(وَمَنْ لَمْ يَنْوِ فِي رَمَضَانَ كُلِّهِ لَا صَوْمًا وَلَا فِطْرًا فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ)

وَلَيْلَةٍ (ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ) الْجُنُونِ (الْأَصْلِيِّ) وَهُوَ أَنْ يَبْلُغَ مَجْنُونًا (وَالْعَارِضِيِّ) وَهُوَ أَنْ يَبْلُغَ عَاقِلًا ثُمَّ يُجَنَّ (قِيلَ هَذَا) أَيْ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْجُنُونَيْنِ (ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا) فَقَالَ: إنْ بَلَغَ مَجْنُونًا ثُمَّ أَفَاقَ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا مَضَى، لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْخِطَابِ يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ الْآنَ فَصَارَ كَصَبِيٍّ بَلَغَ.

وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْقِيَاسِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَكِنِّي أَسْتَحْسِنُ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءَ مَا مَضَى مِنْ الشَّهْرِ، لِأَنَّ الْجُنُونَ الْأَصْلِيَّ لَا يُفَارِقُ الْعَارِضِيَّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَلَيْسَ فِيهِ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى قِيَاسِ مَذْهَبِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا مَضَى، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَذَا) أَيْ الْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ (مُخْتَارُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مِنْهُمْ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ، وَالْإِمَامُ الرُّسْتُغْفَنِيُّ، وَالزَّاهِدُ الصَّفَّارُ .

وَقَوْلُهُ (وَمَنْ لَمْ يَنْوِ فِي رَمَضَانَ) يَعْنِي أَمْسَكَ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ لَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ (صَوْمًا وَلَا فِطْرًا فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ) قَالُوا: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ خَوَاصِّ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ تَأْوِيلٍ، لِأَنَّ دَلَالَةَ حَالِ الْمُسْلِمِ فِيهِ كَافِيَةٌ لِوُجُودِ النِّيَّةِ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ يُجْعَلُ صَائِمًا يَوْمَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ عَدَمُ الْخُلُوِّ عَنْ النِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ، وَأَوَّلُوا بِأَنْ يَكُونَ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا أَوْ مُتَهَتِّكًا اعْتَادَ الْأَكْلَ فِي رَمَضَانَ، فَلَمْ يَصْلُحْ حَالُهُ دَلِيلًا عَلَى نِيَّةِ الصَّوْمِ، كَذَا ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ، وَأَرَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُحْتَاجٍ إلَى التَّأْوِيلِ لِأَنَّ حَالَ الْمُسْلِمِ دَلِيلٌ إذَا لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ كَمَا فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَالْفَرْضُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا بِإِخْبَارِهِ بِذَلِكَ، وَالدَّلَالَةُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ إذَا لَمْ يُخَالِفْهَا صَرِيحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>