للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِذَا جُومِعَتْ النَّائِمَةُ أَوْ الْمَجْنُونَةُ وَهِيَ صَائِمَةٌ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا اعْتِبَارًا بِالنَّاسِي، وَالْعُذْرُ هُنَا أَبْلَغُ لِعَدَمِ الْقَصْدِ. وَلَنَا أَنَّ النِّسْيَانَ يَغْلِبُ وُجُودُهُ وَهَذَا نَادِرٌ، وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِانْعِدَامِ الْجِنَايَةِ.

بِظَاهِرِهِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ.

وَقَوْلُهُ (وَإِذَا جُومِعَتْ النَّائِمَةُ أَوْ الْمَجْنُونَةُ) أَمَّا صَوْمُ النَّائِمَةِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْمَجْنُونَةُ فَقَدْ تَكَلَّمُوا فِي صِحَّةِ صَوْمِهَا لِأَنَّهَا لَا تُجَامِعُ الْجُنُونَ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الْجُوزَجَانِيِّ قَالَ: لَمَّا قَرَأَتْ عَلَى مُحَمَّدٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قُلْت لَهُ: كَيْفَ تَكُونُ صَائِمَةً وَهِيَ مَجْنُونَةٌ؟ فَقَالَ لِي: دَعْ هَذَا فَإِنَّهُ انْتَشَرَ فِي الْأُفُقِ. فَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: كَأَنَّهُ كُتِبَ فِي الْأَصْلِ مَجْبُورَةٌ فَظَنَّ الْكَاتِبُ مَجْنُونَةً، وَلِهَذَا قَالَ: دَعْ فَإِنَّهُ انْتَشَرَ فِي الْأُفُقِ، وَأَكْثَرُهُمْ قَالُوا: تَأْوِيلُهُ أَنَّهَا كَانَتْ عَاقِلَةً بَالِغَةً فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ثُمَّ جُنَّتْ فَجَامَعَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ أَفَاقَتْ وَعَلِمَتْ بِمَا فَعَلَ بِهَا الزَّوْجُ (وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا إلْحَاقًا بِالنَّاسِي، لِأَنَّ الْعُذْرَ فِيهِمَا أَبْلَغُ لِعَدَمِ الْقَصْدِ) وَلَنَا أَنَّ الْإِلْحَاقَ إنَّمَا يَصِحُّ أَنْ لَوْ كَانَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ النِّسْيَانَ يَغْلِبُ وُجُودُهُ فَيُفْضِي إلَى الْحَرَجِ (وَهَذَا) جِمَاعُ الْمَجْنُونَةِ وَالنَّائِمَةِ (نَادِرٌ) فَالْقَضَاءُ لَا يُفْضِي إلَى الْحَرَجِ (وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِانْعِدَامِ الْجِنَايَةِ) لِعَدَمِ الْقَصْدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>