للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّوْمِ فَيَصِيرُ مُرْتَكِبًا لِلنَّهْيِ، فَيَجِبُ إبْطَالُهُ فَلَا تَجِبُ صِيَانَتُهُ وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ يُبْتَنَى عَلَيْهِ، وَلَا يَصِيرُ مُرْتَكِبًا لِلنَّهْيِ بِنَفْسِ النَّذْرِ وَهُوَ الْمُوجِبُ، وَلَا بِنَفْسِ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يُتِمَّ رَكْعَةً، وَلِهَذَا لَا يَحْنَثُ بِهِ الْحَالِفُ عَلَى الصَّلَاةِ فَتَجِبُ صِيَانَةُ الْمُؤَدَّى وَيَكُونُ مَضْمُونًا بِالْقَضَاءِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ : أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي فَصْلِ الصَّلَاةِ أَيْضًا، وَالْأَظْهَرُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

إذَا أَفْسَدَهَا. وَحَاصِلُ الْفَرْقِ بَيْنَ النَّذْرِ وَالشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ أَنَّ الشُّرُوعَ إحْدَاثُ الْفِعْلِ فِي الْخَارِجِ وَهُوَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ ارْتِكَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَهُوَ تَرْكُ إجَابَةِ الدَّعْوَةِ فَيَجِبُ إبْطَالُهُ فَلَا تَجِبُ صِيَانَتُهُ، وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ يَنْبَنِي عَلَى وُجُوبِ الصِّيَانَةِ، وَأَمَّا النَّذْرُ فَإِنَّمَا هُوَ إيجَابٌ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ أَمْرٌ عَقْلِيٌّ وَجَازَ لِلْعَقْلِ أَنْ يُجَرِّدَ الْأَصْلَ عَنْ الْوَصْفِ فَلَمْ يَكُنْ مُرْتَكِبًا لِلْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَأَمَّا الشُّرُوعُ فِي الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فَإِنَّمَا صَارَ مُوجِبًا لِلْقَضَاءِ، لِأَنَّ مَا شُرِعَ فِيهِ لَا يَكُونُ صَلَاةً حَتَّى يُتِمَّ رَكْعَةً، وَلِهَذَا لَا يَحْنَثُ بِهِ الْحَالِفُ عَلَى الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَكُنْ الشُّرُوعُ فِي الِابْتِدَاءِ إحْدَاثًا لِفِعْلِ الصَّلَاةِ فِي الْخَارِجِ فَكَانَ كَالنَّذْرِ فِي الِانْفِصَالِ عَنْ ارْتِكَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، فَتَجِبُ الصِّيَانَةُ وَالْقَضَاءُ بِتَرْكِهَا، هَذَا مَا سَنَحَ لِي فِي تَوْجِيهِ كَلَامِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>