ثُمَّ الصَّوْمُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْوَاجِبِ مِنْهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَلِصِحَّةِ التَّطَوُّعِ فِيمَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
أَحَدُهُمَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَعَ الِاعْتِكَافَ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ فَاشْتِرَاطُ الصَّوْمِ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَهُوَ نَسْخٌ لَا يَجُوزُ. وَالثَّانِي: أَنَّ الِاعْتِكَافَ يَتَحَقَّقُ فِي اللَّيَالِي وَالصَّوْمُ فِيهَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ، وَفِي ذَلِكَ تَحَقُّقُ الْمَشْرُوطِ بِدُونِ الشَّرْطِ وَهُوَ بَاطِلٌ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ. وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ: بِأَنَّ الْإِمْسَاكَ عَنْ الْجِمَاعِ ثَبَتَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ بِهَذَا النَّصِّ الْقَطْعِيِّ وَهُوَ أَحَدُ رُكْنَيْ الصَّوْمِ فَأُلْحِقَ بِهِ الرُّكْنُ الْآخَرُ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ شَهْوَةِ الْبَطْنِ بِالدَّلَالَةِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ، كَمَا أُلْحِقَ الْجِمَاعُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ نَاسِيًا فِي حَقِّ بَقَاءِ الصَّوْمِ بِالدَّلَالَةِ لِهَذَا الْمَعْنَى، ثُمَّ لَمَّا ثَبَتَ وُجُوبُ الْإِمْسَاكِ عَلَى الْمُعْتَكِفِ عَنْ الشَّهْوَتَيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى كَانَ صَوْمًا. وَعَنْ الثَّانِي: بِأَنَّ الشُّرُوطَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، فَإِنَّ مَنْ عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ مُتَتَابِعٍ لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ بِعُذْرِ الْحَيْضِ، وَالصَّوْمُ فِي اللَّيَالِي غَيْرُ مُمْكِنٍ.
وَقَوْلُهُ (ثُمَّ الصَّوْمُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْوَاجِبِ مِنْهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute