للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِأَنَّ وُجُوبَ الْإِحْرَامِ لِتَعْظِيمِ هَذِهِ الْبُقْعَةِ الشَّرِيفَةِ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ وَغَيْرُهُمَا

(وَمَنْ كَانَ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ لِحَاجَتِهِ) لِأَنَّهُ يَكْثُرُ دُخُولُهُ مَكَّةَ، وَفِي إيجَابِ الْإِحْرَامِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ حَرَجٌ بَيِّنٌ فَصَارَ كَأَهْلِ مَكَّةَ حَيْثُ يُبَاحُ لَهُمْ الْخُرُوجُ مِنْهَا ثُمَّ دُخُولُهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ لِحَاجَتِهِمْ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ أَدَاءَ النُّسُكِ لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ أَحْيَانًا فَلَا حَرَجَ (فَإِنْ قَدَّمَ الْإِحْرَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ جَازَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ وَإِتْمَامُهُمَا أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ، كَذَا قَالَهُ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ . وَالْأَفْضَلُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهَا لِأَنَّ إتْمَامَ الْحَجِّ مُفَسَّرٌ بِهِ وَالْمَشَقَّةُ فِيهِ أَكْثَرُ وَالتَّعْظِيمُ أَوْفَرُ

وَلِأَنَّ وُجُوبَ الْإِحْرَامِ لِتَعْظِيمِ هَذِهِ الْبُقْعَةِ الشَّرِيفَةِ) لَا لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلْحَجِّ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ كَانَ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ يُحْرِمُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ، وَتَعْظِيمُهَا لَمْ يَخْتَلِفْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَاجِّ وَغَيْرِهِ (فَيَسْتَوِي فِيهِ الْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ وَغَيْرُهُمَا) وَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فَمِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ ، كَمَا قَالَ فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ «إنَّ مَكَّةَ حَرَامٌ حَرَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ عَادَتْ حَرَامًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

وَقَوْلُهُ (وَمَنْ كَانَ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ) ظَاهِرٌ، وَالْأَصْلُ «أَنَّهُ رَخَّصَ لِلْحَطَّابِينَ دُخُولَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ»، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ (فَإِنْ قَدَّمَ الْإِحْرَامَ) ظَاهِرٌ. قِيلَ: إنَّمَا صَغَّرَ الدُّوَيْرَةَ تَعْظِيمًا لِلْكَعْبَةِ (كَذَا قَالَهُ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ) يَعْنِي أَنَّ إتْمَامَهُمَا أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ، وَقِيلَ إتْمَامُهُمَا أَنْ يُفْرِدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَفَرًا كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ حَجَّةٌ كُوفِيَّةٌ وَعُمْرَةٌ كُوفِيَّةٌ أَفْضَلُ " (وَالْأَفْضَلُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْإِتْمَامَ مُفَسَّرٌ بِهِ وَالْمَشَقَّةُ فِيهِ أَكْثَرُ وَالتَّعْظِيمُ أَوْفَرُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>