لِأَنَّهُ هُوَ الْمَنْقُولُ بِاتِّفَاقِ الرُّوَاةِ فَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ (وَلَوْ زَادَ فِيهَا جَازَ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ ﵀ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ ﵀ عَنْهُ. هُوَ اعْتَبَرَهُ بِالْأَذَانِ وَالتَّشَهُّدِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ ذِكْرٌ مَنْظُومٌ. وَلَنَا أَنَّ أَجِلَّاءَ الصَّحَابَةِ كَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - زَادُوا عَلَى الْمَأْثُورِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ الثَّنَاءُ، وَإِظْهَارُ الْعُبُودِيَّةِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الزِّيَادَةِ
فَكَذَلِكَ غَيْرُ الْعَرَبِيَّةِ يَقُومُ مَقَامَهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَبِهَذَا فَرَّقَ أَبُو يُوسُفَ أَيْضًا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالتَّلْبِيَةِ، وَلَكِنَّ الْعَرَبِيَّةَ أَفْضَلُ.
وَقَوْلُهُ (فَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ) قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: لَوْ قَالَ اللَّهُمَّ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ كَانَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ. فَمَنْ قَالَ: يَصِيرُ بِهِ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ قَالَ: يَصِيرُ بِهِ مُحْرِمًا، وَمَنْ قَالَ: لَا فَلَا. وَقَوْلُهُ (وَلَوْ زَادَ فِيهَا جَازَ) ظَاهِرٌ.
وَقَوْلُهُ (زَادُوا عَلَى الْمَأْثُورِ) قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: أَجَهِلَ النَّاسُ أَمْ طَالَ بِهِمْ الْعَهْدُ؟ لَبَّيْكَ عَدَدَ التُّرَابِ لَبَّيْكَ، وَأَرَادَ بِالْعَهْدِ عَهْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَزَادُوا فِي رِوَايَةٍ «لَبَّيْكَ حَقًّا حَقًّا تَعَبُّدًا وَرِقًّا لَبَّيْكَ عَدَدَ التُّرَابِ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ ذَا الْمَعَارِجِ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ إلَهَ الْخَلْقِ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إلَيْك لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ مِنْ عَبْدٍ آبِقٍ لَبَّيْكَ». وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الثَّنَاءُ) ظَاهِرٌ. وَالْجَوَابُ عَنْ التَّشَهُّدِ وَالْأَذَانِ أَنَّ التَّشَهُّدَ فِي تَعْلِيمِهِ زِيَادَةُ التَّأْكِيدِ.
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ» فَالزِّيَادَةُ تُخِلُّ بِهِ، بِخِلَافِ التَّلْبِيَةِ لِأَنَّهَا لِلثَّنَاءِ مِنْ غَيْرِ تَأْكِيدٍ فِي تَعْلِيمِ نَظْمِهِ فَلَا تُخِلُّ بِهَا الزِّيَادَةُ، وَالْأَذَانُ لِلْإِعْلَامِ وَقَدْ صَارَ مَعْرُوفًا بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَلَا يَبْقَى إعْلَامًا بِغَيْرِهَا، وَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ كَبِيرُ خِلَافٍ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْمَنْقُولَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute