إحداهما: على حق الله تعالى، إذ فعل ما نهاه عنه، فكفارة ذلك التوبة والندم.
والجناية الثانية: على محارم المخلوق، فان كانت الغيبة قد بلغت الرجل، جاء إليه واستحله واظهر له الندم على فعله.
وقد روى أبو هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "من كانت عنده مظلمة لأخيه، من مال أو عرض، فليأته فليستحلها منه قبل أن يؤخذ وليس عنده درهم ولا دينار، فإن كانت له حسنات أخذ من حسناته فأعطيها هذا، وإلا أخذ من سيئات هذا فألقى عليه".
وإن كانت الغيبة لم تبلغ الرجل، جعل مكان استحلاله الاستغفار له، لئلا يخبره بما لا يعلمه، فيوغر صدره.
وقد ورد في الحديث: "كفارة من اغتبت أن تستغفر له" (١).
وقال مجاهد: كفارة أكلك لحم أخيك أن تثنى عليه وتدعو له بخير، وكذلك إن كان قد مات.
الآفة التاسعة: من آفات اللسان النميمة، وفى الحديث ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا يدخل الجنة قتات" وهو النمام.
واعلم: أن النميمة تطلق في الغالب على نقل قول إنسان في إنسان، مثل أن يقول: قال فيك فلان كذا وكذا، وليست مخصوصة بهذا، بل حدها كشف ما يكره كشفه، سواء كان من الأقوال أو الأعمال، حتى لو رآه يدفن مالاً لنفسه فذكره فهو نميمة وكل من نقلت إليه النميمة، مثل أن يقال له: قال فيك فلان كذا وكذا أو فعل في حقك كذا، ونحو ذلك فعليه ستة أشياء:
الأول: أن لا يصدق الناقل، لأن النمام فاسق مردود الشهادة.
الثاني: أن ينهاه عن ذلك وينصحه.
الثالث أن يبغضه في الله، فإنه بغيض عند الله.
الرابع: أن لا يظن بأخيه الغائب السوء.
الخامس: أن لا يحمله ما حكى له على التجسس والبحث، لقوله تعالى: {وَلَا
(١) لا يصح، في سنده عنبسه بن عبد الرحمن القرشي قال: البخاري: تركوه، وقال أبو حاتم: كان يضع الحديث.