السادس: أن لا يرضى لنفسه ما نهى النمام عنه، فلا يحكى نميمته.
ويروى أن سليمان بن عبد الملك قال لرجل: بلغني أنك وقعت فىَّ، وقلت كذا وكذا. فقال الرجل: ما فعلت، فقال سليمان: صدقت، اذهب بسلام.
وقال يحيى بن أبى كثير: يفسد النمام في ساعة ما لا يفسد الساحر في شهر.
وقد حكى أن رجلا ساوم بعبد، فقال مولاه: إني أبرأ منك من النميمة والكذب، فقال: نعم، أنت برئ منهما، فاشتراه. فجعل يقول لمولاه إن امرأتك تبغي وتفعل، وإنها تريد أن تقتلك، ويقول للمرأة: إن زوجك يريد أن يتزوج عليك ويتسرى، فان أردت أن أعطفه عليك، فلا يتزوج ولا يتسرى، فخذ الموسى واحلقي شعرة من حلقه إذا نام، وقال للزوج: إنها تريد أن تقتلك إذا نمت. قال فذهب فتناوم لها، فجاءت بموسى لتحلق شعرة من حلقه، فأخذ بيدها فقتلها، فجاء أهلها فاستعدوا عليه فقتلوه.
الآفة العاشرة: كلام ذي اللسانين الذي يتردد بين المتعادين، وينقل كلام كل واحد إلى الآخر، ويكلم كل واحد بكلام يوافقه، أو يعده أنه ينصره، او يثنى على الواحد في وجهه ويذمه عند الأخر.
وفى الحديث:"إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه".
واعلم: أن هذا فيمن لم يضطر إلى ذلك، فأما إذا اضطر إلى مداراة الأمراء جاز.
قال أبو الدرداء رضى الله عنه: إنا لنكشر (١) في وجوه أقوام، وإن قلوبنا لتلعنهم.
ومتى قدر أن لا يظهر موافقتهم لم يجز له.
الآفة الحادية عشرة: المدح، وله آفات:
منها: ما يتعلق بالمادح، ومنها: ما يتعلق بالممدوح. فأما آفات المادح، فقد
(١) التكشير: التبسم، والخبر علقه البخاري في "صحيحه" عن أبي الدرداء.