وجاء الروم بمددهم، فنزلوا على المسلمين، وحصروهم. وبلغت أمداد الجزيرة ثلاثين ألفاً، سوى أمداد قنسرين، من تنوخ وغيرهم، فنالوا من المسلمين كل منال. وكتب عمر رضي الله عنه إلى سعد بن أبي وقاص يخبره بذلك، ويأمره أن يبث المسلمين في الجزيرة، ليشغلهم عن أهل حمص. وأمده عمر
رضي الله عنه بالقعقاع ابن عمرو، فتوغلوا في الجزيرة، فبلغ الروم، فتقوضوا عن حمص إلى مدائنهم.
وندم أهل قنسرين وراسلوا خالداً، فأرسل إليهم:" لو أن الأمر إلي ما باليت بكم، كثرتم أم قللتم، لكني في سلطان غيري، فإن كنتم صادقين، فانفشوا كما نفش أهل الجزيرة ". فساموا سائر تنوخ ذلك، فأجابوا، وأرسلوا إلى خالد:" إن ذلك إليك، فإن شئت فعلنا وإن شئت أن تخرج علينا فننهزم بالروم ". فقال:" بل أقيموا، فإذا خرجنا، فانهزموا بهم ".
فما علم أبو عبيدة، والمسلمون بذلك قالوا:" اخرج بنا " وخالد ساكت، فقال أبو عبيدة:" مالك يا خالد، لا تتكلم " فقال: " قد عرفت الذي عليه رأي، فلم تسمع من كلامي ". قال: لا فتكلم فإني أسمع منك، وأطيع. فأشار بلقائهم.
فخرج المسلمون والتقوهم، فانهزم أهل قنسرين، والروم معهم. فاحتوى المسلمون على الروم، فلم يفلت منهم أحد.
وما زال خالد على إمارة قنسرين حتى أعرب خالد وعياض، سنة سبع عشرة، بعد رجوعهما من الجابية، مرجع عمر إلى المدينة، فأصابا أموالاً عظيمة.
وقفل خالد سالماً، غانماً، وبلغ الناس ما أصابوا تلك الصائفة، وقسم خالد فيها ما أصاب لنفسه، فانتجعه رجال من أهل الآفاق، وكان الأشعث بن قيس من انتجع خالداً بقنسرين، فأجازه بعشرة آلاف درهم.
[عمر وخالد بن الوليد]
وكان عمر لا يخفى عليه شيء في عمله، فكتب إليه من العراف بخروج من خرج منها، ومن الشام بجائزة من أجيز فيها. فدعا البريد، وكتب معه إلى أبي عبيدة: أن