للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانت لنور الدين وولده بقلعة حلب، وما كان فيها من السلاح، والزرد والقسي، والخوذ، والبركسطونات، والنشاب، والآلات، ولم يترك فيها إلا شيئاً يسيراً من السلاح العتيق، وسير ذلك كله إلى الرقة.

وترك في قلعة حلب ولده نور الدين محموداً طفلاً صغيراً، ورد أمره إلى الوالي بالقلعة: شهاب الدين إسحاق، وسلم البلد والعسكر إلى مظفر الدين بن زين الدين. وسار إلى الرقة، سادس عشر شوال، فأقام بها فصل الربيع.

[دخول عماد الدين حلب بعد المقايضة]

وراسل أخاه عماد الدين، في المقايضة بسنجار، ليتوفر على حفظ بلاده، ويضم بعضها إلى بعض، ولعلمه أنه يحتاج إلى الإقامة بالشام، لتعلق أطماع الملك الناصر بحلب. وقدم عليه أخوه. واستقرت المقايضة على ذلك، وتحالفا على أن تكون حلب وأعمالها لعماد الدين وسنجار وأعمالها لعز الدين. وأن كل واحد منهما ينجد صاحبه، وأن يكون طمان مع عماد الدين، فسير طمان، وصعد إلى قلعة حلب، وكان معهم علامة من عز الدين، فتسلمها، وسير عز الدين من تسلم سنجار.

وفي حال طلوع طمان، ونقل الوالي متاعه، طمع مظفر الدين بن زين الدين بأن يملك القلعة، ووافقه جماعة من الحلبيين كانوا بقربه، في الدار المعروفة بشمس الدين علي ابن الداية وجماعة من الأجناد، ولبس هو رردية، تحت قبائه، وألبس جماعة من أصحابه الزرد تحت الثياب، ومع كل واحد منهم سيف. وأرسل إلى شهاب الدين، وقال: له إنه وصلني كتاب من أتابك عز الدين، وأمرني أن أطلع في جماعة إليك، فأمره بالصعود.

وكان جمال الدين شاذبخت، في حوش القلعة الشرقي، الذي هدمه الملك العادل وكان بين الجسرين اللذين جددهما السلطان الملك الظاهر رحمه الله وعمل مكان ذلك الحوش بغلة فرأى الجند مجتمعين تحت القلعة، فسير شاذبخت، وأحضر بواباً كان للقلعة، يقال له علي بن منيعة وكان جلداً يقظاً، وأمره بالاحتراز.

<<  <   >  >>