القلعة بالذخائر والرجال، وشاطر الفرنج في أعمال طبرية، وقرروا له على ما سوى ذلك مالاً في كل سنة.
ووصل خبر فتح حارم وبانياس إلى الفرنج النازلين على بلبيس، فأرادوا العود إلى بلادهم، فراسلوا أسد الدين في الصلح رجاء أن يلحقوا بانياس، فاتفق الحال معهم على أن يعود إلى الشام، ويسلم ما بيده من أعمال مصر إلى أهلها، ولم يكن عنده علم بما جرى لنور الدين بالشام، وكانت الذخائر قد قلت عنده ببلبيس.
وخرج من الديار المصرية إلى الشام، وجاء الفرنج ليدركوا بانياس، فوجدوا الأمر قد فات، وكشف أسد الدين الديار المصرية، واستصغر أمر من بها.
ودخلت سنة إحدى وستين وخمسمائة، فسار نور الدين إلى المنيطرة جريدة في قلة من العسكر، على غفلة من الفرنج، وحصر حصنها، وأخذه عنوة، وقتل من به، وسبى وغنم غنيمة كثيرة، وأيس الفرنج من استرجاعه بعد أن تجمعوا له وتفرقوا.
[موقعة البابين]
وتحدث أسد الدين مع نور الدين، في عوده إلى الديار المصرية، فلما رأى جده سيره إليها في ألفي فارس من خيار العسكر، في سنة اثنتين وستين وخمسمائة.
فسار على البر، وترك بلاد الفرنج على يمينه، فوصل الديار المصرية، وعبر النيل إلى الجانب الغربي عند أطفيح، وحكم على البلاد الغربية، ونزل بالجيزة مقابل مصر، فأقام نيفاً وخمسين يوماً.
فأرسل شاور واستنجد بالفرنج، فسار أسد الدين إلى الصعيد، وبلغ إلى موضع يعرف بالبابين، وسارت العساكر المصرية والفرنجية خلفه، فوصلوا إليه وهو على تعبئة وقد جعل أثقاله في القلب ليتكثر بها، وجعل ابن أخيه صلاح الدين في القلب، وأوصاهم متى حملوا عليه أن يندفع بين أيديهم قليلاً، فإذا عادوا فارجعوا في أعقابهم.