فسار نور الدين ومعين الدين آنر معه، وسيرا إلى سيف الدين غازي إلى حمص، يستنجدانه فأمدهما بعسكر كثير مع الدبيسي صاحب الجزيرة، فنازلوا الحصن، وحصروه وبه ولد الفنش.
فزحف المسلمون إليه مراراً، ونقب النقابون السور فطلب من به من الفرنج الأمان، فملكه المسلمون، وأخذوا كل من به من فارس وراجل، وصبي، وامرأة، وفيهم ابن الفنش، وأخربوا الحصن، وعادوا إلى حمص.
ثم عاد سيف الدين غازي إلى الموصل.
وتجمع الفرنج ليقصدوا أعمال حلب، فخرج إليهم نور الدين بعسكره والتقاهم بيغري، واقتتلوا قتالاً شديداً، فانهزم الفرنج، وأسر منهم جماعة وقتل خلق، ولم ينج إلا القليل.
وفي هذه الوقعة يقول الشيخ أبو عبد الله القيسراني من قصيدة:
وكيف لا نثني على عيشنا ال ... محمود والسلطان محمود
وصارم الإسلام لا ينثني ... إلا وشلو الكفر مقدود
مكارم لم تك موجودة ... إلا ونور الدين موجود
[بناء المدارس]
وشرع نور الدين في تجديد المدارس والرباطات بحلب، وجلب أهل العلم والفقهاء إليها، فجدد المدرسة المعروفة بالحلاويين، في سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، واستدعى برهان الدين أبا الحسن علي بن الحسن البلخي الخفي وولاه تدريسها، فغير الأذان بحلب، ومنع المؤذنين من قولهم: حي على خير العمل وجلس تحت المنارة ومعه الفقهاء، وقال لهم: من لم يؤذن الأذان المشروع فألقوه