وأنفذ المستنصر نوابه فتسلموها منه، وهم: مكين الدولة أبو علي
الحسن ابن علي بن ملهم بن دينار العقيلي، وعين الدولة أبو الحسن علي بن عقيل، والقاضي أبو محمد عبد الله بن عياض قاضي صور، تسلموا البلد والقلعه، في ذي القعدة من سنة ثمان وأربعين وأربعمائة.
وقد كان أبو علي بن ملهم مقيماً برفنية، فقلد الحرب والخراج بحلب. وفي الليلة التي سلمها معز الدولة إليهم احترق المركز الشرقي بالقلعة، وولوا في قلعة حلب رجلاً يعرف بركن الدولة.
وصعد معز الدولة مع عين الدولة وقاضي صور إلى مصر، فلقي من المستنصر من الكرامة والحباء ما لم يلقه وافد منه ولا من آبائه، وجعل له كل يوم، إلى أن وصل إلى مصر، ثلاثمائة دينار، وأعطي ما لم يعط أحد من المال والجوهر والآلة، وكان إذا ركب السلطان حجبه، وكان ذنب دابته عند رأس دابة السلطان.
واعتل معز الدولة بمصر، فركب السلطان، فوقف بباب داره حتى خرج إليه وسأله عن حاله.
[حكم ابن ملهم]
وأما ابن ملهم فإنه أقام بحلب، وعدل في الرعية، وأحسن السيرة، وبسط وجهه ويده لهم، ورخصت الأسعار في أيامه، وبنى كثيراً من أبرجة سور حلب، إلى أن تجمعت بنو كلاب وامتدت أطماعهم إلى حلب. وذلك أن البساسيري كان من المنتمين إلى المصريين، ودعا لهم ببغداد، في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة فعاد السلطان طغرلبك، وجمع جموعاً عظيمة، ولقي البساسيري