وأخذوا قطعة من عسكره، وخرجوا فعاثوا في بلاد شرف الدولة، ثم إنهم خافوا منه فهربوا إلى أسفونا.
[غارات سليمان ومقتل مسلم]
وتواصلت غاراته على بلد حلب وسرمين وبزاعا وقبض شرف الدولة على وزيره أبي العز بن صدقة وصادره وحبسه، وسير ابن الحلزون إلى حلب ليدبر أمرها، فوصل إلى حلب، وراسل سليمان في الصلح.
وقبض على علي بن قريش بأمر أخيه شرف الدولة، وصادره على عشرة آلاف دينار، وأخذ منه منبج لأنها كانت إقطاعه، فعند ذلك ازدادت وحشة الشريف وغيره لما شاهدوه من فعله بأخيه وكذا كانت سيرته في أصحابه وبهذا الطريق فسد حاله، وأما رعيته فكانوا معه على أجمل حال وأحسنه.
وحيث تحقق شرف الدولة احتلال حلب ونواحيها بغارات سليمان جمع
عسكره وانضاف إليه بعض الأتراك، ووصل إلى عزاز في صفر من سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
وأشير عليه بالنزول على حلب ومراسلة سليمان في الصلح، فامتنع واستدعى بني كلاب فوصله منهم جماعة من أعيانهم وفرسانهم، وسار فنزل على نهر عفرين بموضع يقال له قززاحل.
ووصل سليمان من أنطاكية في أربعة آلاف فارس، وكان شرف الدولة في عدة تزيد عن ستة آلاف ليس فيهم مناصح، وجاء شرف الدولة بطيخ فنزل هو وبعض بني عمه وأكلوا، فقال ابن عمه:
كلوا أكلة من عاش يخبر أهله ... ومن مات يلقى الله وهو بطين
فقال شرف الدولة: قتلنا فألك يا ابن العم.
والتقوا في آخر نهار السبت، لست بقين من صفر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، والشمس في وجوه عسكر شرف الدولة، وكان اللقاء بغتة في غير وقت يظن فيه، فانهزم عسكر شرف الدولة، وجاءته طعنة فقتل ولما طعن قال: " يا شام الشؤم واتهم بعض أصحابه قتله وكان القتل بين الفريقين قليلاً لأن أصحاب شرف