إلى الفنيدق وأقابل محموداً على فعله، وأعود أنتقم من الحلبيين.
فسار عن حلب في مقدار خمسة عشر ألف فارس، ومحمود في دون الألفين، ونزلوا على الفنيدق وهو المعروف الآن بتل السلطان، وانهزمت بنو كلب وبنو طيء، وبقي العسكر وحده، وقل الماء عليهم، فكسروا. وأسر الدنين بن أبي كلب الجهبلي الكلابي ناصر الدولة، وأمكنته الهزيمة فلم ير على نفسه أن يولي، وأسر كل مقدم كان في عسكره.
وقتلت بنو كلاب أكثر عسكره، وغنموا كل ما كان في العسكر، ولم يسلم منهم إنسان بالجملة إلا عارياً.
وبعد ذلك علم محمود بن نصر بن صالح بأسر الأمير ناصر الدولة، فاشتراه من الدنين بألفين وسبعمائة دينار، وقيل: بأقل من ذلك.
وأسر رجل يقال له جبر من بني كلاب أخا ناصر الدولة، فاشتري
أيضاً بمال كثير، وكانت الكسرة في يوم الأربعاء سلخ شهر رجب سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة.
[حلب بين عطية بن صالح ومحمود بن نصر]
ووصل وقت الكسرة أسد الدولة أبو ذؤابة عطية بن صالح بن مرداس إلى حلب، وتسلم المدينة من المغاربة، يوم الخميس، ودار فيها ساعة، ونزل عند شافع ابن عجل بن الصوفي في داره، التي هي الآن مدرسة القاضي بهاء الدين بن شداد. وقيل: إن ملهم استدعاه، وسلم المدينة، وفرج الله عن أهل حلب. وقدم الأمير محمود بن نصر إلى المدينة، فانهزم عطية منه آخر النهار من يوم الخميس مستهل شعبان، وتسلم محمود البلد يوم الجمعة الثاني من شعبان سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وهذا من أغرب الإتفاقات أن يملك حلب ثلاثة من الملوك وفي تلاثة أيام متتابعة.