وسلط عليه الملك رضوان فسجنه في ذي القعدة من سنة تسعين وعذبه عذاباً مديداً بأنواع شتى، وأراد بذلك أن يستصفي ماله، فمما عذبه به أنه أحمى الطست حتى صار كالنار، ووضعه على رأسه، ونفخ في دبره بكير الحذاد، وثقبت كعابه، ضرب فيها الرزز والحلق.
ولما وضع التجار المثقب على كعبه قطع الجلد واللحم ولم يدر المثقب، فلطمه المجن وقال: ويلك لا تعرف، أحضر خشبة، وضعها على الكعب. فأحضر خشبة ووضعها على كعبه، فدار المثقب ونزل ونزل، وثقب الكعب.
فلما فرخ قيل له: كيف تجد طعم الحديد، فقال: قولوا للحديد كيف يجد طعمي. ولم يقر المجن مع هذا كله بدرهم واحد، ولم يحصل للملك رضوان من ماله إلا ما أقربه غلام أو جارية، وذلك شيء يسير واستغنى جماعة من أهل حلب من ماله.
ولما طال الأمر على رضوان أشير عليه بقتله، فأخرج إلى ظاهر باب الفرج من نحو الشرق، ومعه ابنان له شابان مقتبلا الشباب، فقتلا قبله، وهو ينظر إليهما ولا تتكلم.
ثم قتل بعد ذلك في سنة إحدى وتسعين وسلمت رئاسة حلب إلى صاعد بن بديع ولما قدم المجن للقتل صاح بصوت عال: يا معشر أهل حلب، من كان لي عنده مال، فهو في حل منه.
وكان ابن بديع من أولاد الديلم الذين كانوا في أيام سيف الدولة، وولد أبوه بحلب.
[صنجيل في عزاز والبارة والمعرة وشيزر]
وفي سنة إحدى وتسعين وأربعمائة عصى عمر والي عزاز على الملك رضوان فخرج عسكر حلب وحصره، فاستنجد بالفرنج، فوصل صنجيل بعسكر كبير، فعاد عسر حلب فنهب صنجيل ما قد عليه وعاد إلى أنطاكية، وأخذ ابن عمر رهينة،