للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مسيره إلى حمص وحماه وحلب]

وسار إلى حمص وحماة، وهما في أقطاع فخر الدين مسعود بن الزعفراني.

وكان ظالماً، فسار منها بعد موت نور الدين، فملك الملك الناصر في حادي عشر جمادى الأولى، من سنة سبعين، مدينة حمص. وبقيت القلعة، وكان الولاة في القلاع من جهة نور الدين، فترك في البلد من يحفظه، ويمنع من في القلعة من النزول.

وسار إلى حماة، فملك مدينتها مستهل جمادى الآخرة، وكان بالقلعة عز الدين جورديك، فأرسل إليه، وقال له: إني في طاعة الملك الصالح، والخطبة له في البلاد التي في يدي على حالها، والمقصود اتفاق الكلمة على طاعة الملك الصالح، وأن تسعد البلاد الجزرية وتحفظ بلاده. فاستحلفه جورديك على ذلك، وسيره إلى حلب في اجتماع الكلمة، وفي إطلاق شمس الدين علي وأخويه من السجن، وكان إقطاعهم قد قبض من نوابهم، ولم يبق في أيديهم غير شيزر وقلعة جعبر.

واستخلف جورديك بقلعة حماة أخاه ليحفظها، فلما وصل جورديك قبض عليه كمشتكين، وسجنه، فعلم أخوه بذلك، فسلم قلعة حماه إلى الملك الناصر.

وسار الملك الناصر إلى حلب، فوصلها في ثالث جمادى الآخرة من سنة سبعين، وحصرها. فركب الملك الصالح، وهو صبي عمره اثنتا عشرة سنة، وجمع أهل حلب، وقال لهم: أنا يتيمكم، وقد عرفتم إحسان أبي إليكم، وقد جاء هذا الظالم ينترع ملكي. وقال أقوالاً كثيرة. وبكى فأبكى الناس، وبذلوا أنفسهم وأموالهم له، واتفقوا على القتال دونه، والذب عنه.

فجعل الحلبيون يخرجون، ويقاتلون الملك الناصر عند جبل جوشن فلا يقدر أن يتقرب إلى البلد وأرسل سعد الدين كمشتكين إلى سنان مقدم الإسماعيلية،

<<  <   >  >>