دملاج في يوم الأربعاء مستهل ذي القعده، من سنة ثمان وستين.
[هزيمة وثاب]
وتحالفوا وخرجوا إلى وثاب وبني كلاب، في يوم الخميس مستهل ذي الحجة من سنة ثمان وستين وأربعمائة، وكان بنو كلاب في جمع عظيم ما اجتمعوا قط في مثله يقال إنهم يقاربون سبعين آلف فارس وراجل، وكانوا قد عاثوا في بلد حلب، وكانوا نزولاً بقنسرين فعند معاينتهم الأتراك انهزموا من غير قتال وخلفوا حللهم وكل ما كانوا يملكونه وأهاليهم وأولأدهم.
فغنم أحمد شاه وأصحابه ومحمد بن دملاج وأصحابه كل ما كان لبني كلاب فيقال: إنهم أخذوا لهم مائة آلف جمل وأربعمائة آلف شاة، وسبوا من حرمهم الحرائر جماعة كبيرة، ومن إمائهم أكثر، وكل ما كان في بيوتهم وعفوا عن قتل عبيدهم المقاتلة، وكانوا يزيدون عن عشرة آلاف عبد مقاتل فلم يقتلوا أحداً منهم، وكان الذي غنمه الترك من العرب في ذلك اليوم ما لا يحصى كثرة، وأسروا جماعة منهم.
وعاد أحمد شاه بالأسرى إلى حلب فتقدم سابق بن محمود بإطلاقهم، وأنزل أخته زوجة مبارك بن شبل في دار، وأكرمها لأنها كانت فيمن أخذ ذلك اليوم.
وبعد هذه الهزيمة بثلاثة عشر يوماً دعا محمد بن دملاج التركي أحمد شاه، فخرج إليه، وكان نازلاً شمالي حلب، فلما أكلوا وشربوا قبض محمد بن دملاج على أحمد شاه وأسره، وكان في نفر قليل فأقام في أسره تسعة أيام
ثم إن سابق بن محمود اشترى أحمد شاه من محمد بن دملاج بعشرة آلاف دينار وعشرين فرساً، يوم السبت الرابع والعشرين من ذي الحجة من السنة.
[إعانة ملكشاه لوثاب بن محمود]
فعند ذلك سار وثاب بن محمود ومبارك بن شبل، وحامد بن زغيب، إلى باب السلطان أبي الفتح ملك شاه بن ألب أرسلان، وحضروا عنده، وشكوا إليه حالهم، وسألوه أن يعينهم على سابق، ويكشف عنهم ما نزل بهم منه.