ونزل الملك العادل على قدس، وغارت خيله على طرابلس، وخربوا حصونها، وشتى بحماة إلى أن انقضى فصل الربيع.
وعاد إلى دمشق، وعاد ابنه الأشرف، إلى بلاده من خدمة أبيه، فعبر في حلب، فالتقاه الملك الظاهر، واحتفل به، وأنزله في داره بقلعة حلب، وقدم له تحفاً جليلة من السلاح، والخيل، والذهب، والجوهر، والمماليك، والجواري، والثياب، بما قيمته خمسون ألف دينار، وودعه بعد سبعة أيام، إلى قراحصار، وعاد إلى حلب.
وقصد كيخسرو بن قلج أرسلان بلاد ابن لاون، وطلب نجدة من السلطان الملك الظاهر، فأرسل إليه عسكراً مقدمه سيف الدين بن علم الدين، وفي صحبته أيبك فطيس، فاجتمعوا بمرعش، ونزلوا على برنوس في سنة خمس وستمائة، فافتتحوها، وافتتحوا حصوناً عدة من بلد ابن لاون.
فراسل لاون الملك العادل، والتجأ إليه، فأرسل الملك العادل إلى كيخسرو وإلى الملك الظاهر، فابتدر كيسخرو، وصالح ابن لاون على أن يرد حصن بغراس إلى الداوية، وأن لا يعرض لأنطاكية، وأن يرد ماله الذي تركه عنده، في حياة أخيه ركن الدين.
وكان قد خاف من أخيه، فقدم حلب، وأقام عند الملك الظاهر مدة، وخاف الملك الظاهر من أخيه ركن الدين، أن يتغير قلبه عليه بسببه، وأنه ربما يطلبه منه، فلا يمكنه تسليمه إليه، فأعرض عنه. فدخل إلى ابن لاون، ثم خاف منه، فانهزم، وترك عنده مالاً وافراً، فاحتوى عليه فرده عليه، عند هذه الهدنة. ودفع إليه جميع الأسرى من المسلمين، الذين كانوا في بلاده، وأن لا يعرض لبلاد السلطان الملك الظاهر. ووصلت نجدة حلب إلى حلب.
[العادل في الجزيرة]
وخرج العادل من دمشق، في سنة ست وستمائة، وطلب من الملك الظاهر