ثم إن غلمان سعد الدولة ملكوا ابنه أبا الفضائل سعيداً، ولقبوه سعيد الدولة، ونصبوه مكان أبيه في يوم الأحد. وصار المدبر له وصاحب جيشه من الغلمان الأمير أبو محمد لؤلؤ الكبير السيفي، فاستولى على الأمور وزوج ابنته سعيد الدولة، فرفع المظالم والرسوم المقررة على الرعية من مال الهدنة. ورد الخراج إلى رسمه الأول، ورد على الحلبيين أملاكاً كان اغتصبها أبوه وجده.
وطمع العزيز صاحب مصر في حلب، فاستصغر سعيد الدولة بن سعد الدولة، فكتب إلى أمير الجيوش بنجوتكين التركي، وكان أمير الجيوش والياً بدمشق من قبل العزيز وأمره بالمسير إلى حلب وفتحها، فنزل في جيوش عظيمة ومدبر الجيش أبو الفضائل صالح بن علي الروذباري.
فنزل على حلب في سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، وفتح حمص وحماة في طريقه، وحصر حلب مدة، فبذل له سعيد الدولة أموالاً كثيرة على أن يرحل عنه وعلى أن يكون في الطاعة، ويقيم الدعوة، ويضرب السكة باسم العزيز، ويكتب اسمه على البنود في سائر أعماله.
فامتنع من قبول ذلك وقاتل حلب ثلاثة وثلاثين يوماً، وضجر أهل حلب فقالوا لابن حمدان: إما أن تدبر أمر البلد وإلا سلمناه. فقال: اصبروا علي ثلاثة أيام، فإن البرجي والي إنطاكية قد سار إلى نصرتي في سبع صلبان. فبلغ ذلك