ورجع أبو الجيش إلى مصر، ومات المعتمد بعد ذلك في سنة تسع وسبعين فولي الخلافة أبو العباس أحمد بن طلحة المعتضد، فبايعه أبو
الجيش بن طولون وخطب له في عمله. وسير إليه هدية ستية مع الحسين بن الجصاص. وطلب منه أن يزوج ابنته من علي بن المعتضد، فقال المعتضد بل أنا أتزوجها فتزوجها المعتضد وهي قطر الندى.
وقيل: إنه دخل معها مائة هاون ذهب فى جهازها، وإن المعتضد دخل خزانتها، وفيها من المنائر والأباريق، والطاسات، وغير ذلك من الآنية الذهب. فقال: يا أهل مصر، ما أكثر صفركم. فقال له بعض القوم: يا أمير المؤمنين، إنما هو ذهب.
وزفت إلى المعتضد مع صاحب أبيها الحسين بن عبد الله بن الجصاص. فقال المعتضد لأصحابه: أكرموها بشمع العنبر فوجد في خزانة الخليفة أربع شمعات من عنبر، في أربعة أتوار فضة.
فلما كان وقت العشاء، جاءت إليه وقدامها أربعمائة وصيفة، في يد كل واحدة منهن تور ذهب وفضة، وفيه شمعة عنبر. فقال المعتضد لأصحابه: أطفئوا شمعنا واسترونا.
وكانت إذا جاءت إليه أكرمها بأن يطرح لها مخدة: فجاءت إليه، يوماً فلم يفعل ما كان يفعله بها. فقالت: أعظم الله أجر أمير المؤمنين. قال:
فيمن؟. قالت: في عبده خمارويه تعني أباها فقال لها: " أو قد سمعت بموته؟ قالت: لا ولكني لما رأيتك قد تركت إكرامي علمت أته قد مات أبي. وكان خبره قد وصل إلى المعتضد، فكتمه عنها. فعاد إلى إكرامه لها بطرح المخدة في كل الأوقات.
وقتل خمارويه بدمشق في سنة ثمانين ومائتين، وحلب في ولاية طغج بن جف من قبله وأظن أن قاضي حلب بعد أيام أحمد بن طولون حفص بن عمر قاضي