عليها، وأقام أياماً لا يقاتلها، في شهر رمضان، في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. واستغل بلدها، فلبس سربك سلاحه، وركب وحوله جماعة، قد لبسوا، وفتح باب القلعة، ونزل إلى السلطان، والتمس منه العفو فعفا عنه. ورد رعبان إليه، وسار إلى حلب، فأقام بها إلى أول ذي الحجة من سنة ثلاث وتسعين.
[الخوف من الفرنج]
وكان الملك العادل قد سار إلى الغور لحركة الفرنج، واستصحب معه نجدة من الملك الظاهر، فوصلت رسله إلى السلطان الملك الظاهر، يخبره أن الفرنج قد عزموا على قصد جبلة واللاذقية فخرج الملك الظاهر إلى الأثارب، وسير الحجارين والزراقين. لهدم، حصني جبلة واللاذقية. وسار المبارز أقجا لهدم جبلة، فهدموا سورها ودورها، وأجلى أهلها منها.
وسارغرس الدين قلج، وابن طمان، لهدم اللاذقية، فنقبوا القلعة، وعلقوها، ورفعوا ذخائرها، وهدموا المدينة، وذهب أهلها، وبقي العسكر منتظراً وصول العدو، ليلقوا النار في الأخشاب المحشوة في الأنقاب، فلم يصل أحد منهم.
وجاء البرنس في البحر تحت المرقب وطلب غرس الدين وابن طمان فوصلا إليه، وكلماه على جانب البحر، فأشار عليهما بأن لا تهدم اللاذقية، وأخبرهما أن الفرنج فتحوا صيدا وبيروت وعادوا إلى صور.
فسيرا وأعلما السلطان وهو بريحا، فأمر ببناء ما استهدم منها، وسار إلى حارم، فوصلها في محرم سنة أربع وتسعين. وأقام بها مدة، ثم رحل إلى اللاذقية، فعمرها وعمر ضياعها، وتوجه إلى حلب.
وتوفي غرس الدين قلج، فعصى أولاده بالقلاع التي كانت بيده، وهي: دركوش، والشغر، وبكاس، وشقيف الزوج، وامتنعوا من تسليمها