وأما الملك المنصور وعسكر حلب، فإنهم وصلوا إلى صفين، وساقوا سوقاً قوياً، ليسبقوا الخوارزمية إلى الماء، ويحولوا بينهم وبين العبور إلى الرقة.
فوصلوا بعد وصول الخوارزمية بساعة، فوجدوا الخوارزمية قد احتموا بستان البليل، وأخذوا منها الأبواب، وجعلوها ستائر عليهم، وحفروا خندقاً عليهم، فقاتلوهم إلى بعد العشاء، وأخذوا من الأغنام، التي لهم، شيئاً كثيراً، ولم يكن عندهم علوفة لدوابهم، ولا زاد لأنفسهم، فعادوا في الليل إلى منرلتهم بصفين.
ونام جماعة من الرجالة في البليل، فوقع عليهم الخوارزمية فقتلوهم. وعبر الخوارزمية إلى الرقة، وقد هلكت دوابهم إلا القليل، وأكثرهم رجالة، وسروا إلى حران، وأحضروا لهم دواب ركبوها، وتوجهوا إلى حران.
وأراد الملك المنصور العبور من جسر قلعة جعبر، فلم يمكنه لقلة العلوفة، فسار بالعساكر إلى البيرة، وعبر من عبرها بالعسكر والجموع. وسار حتى نزل ما بين سروج والرها.
ووصل الخوارزمية ليكبسوا اليزك، فعلموا بهم، وناموا في الليل، وركب العسكر، فعادوا والعسكر في آثارهم، إلى سروج، ولم ينالوا زبدة، ووصلوا إلى حران، وجمعوا جمعاً كثيراً، حتى أخذوا عوام حران، وألزموهم بالخروج معهم، ليكثروا بهم السواد.
ووصلوا إلى قرب الرها إلى جبل يقال له جلهمان واجتمعوا عليه ورتبوا عسكرهم، وكثروا سوادهم بالجمال، وعملوا رايات من القصب، على الجمال، ليلقوا الرعب في قلوب العسكر، بتكثير السواد.
[خسارة الخوارزمية]
وركب العسكر من منزلته، بعد أن وصل رسول، من عسكر الروم، يخبر بوصوله في النجدة، بعد حط الخيم للرحيل، فلم يتوقفوا. وساروا إلى أن وصلوا