ويئس أهل حلب من نجدة تصلهم من أحد من الملوك، فاتفق رأيهم
على أن سيروا الأعيان والمقدمين إلى إيلغازي بن أرتق، واستدعوه ليدفع الفرنج عنهم وظنوا أنه يصل في عسكر يفرج به عنهم، وضمنوا له مالاً يقسطونه على حلب يصرفه إلى العساكر فوصل في جند يسير والمدبر لحلب جماعة من الخدم، والقاضي أبو الفضل ابن الخشاب هو المرجوع إليه في حفظ المدينة والنظر في مصالحها فامتنع عليه البلد، واختلفت الآراء في دخوله، فعاد فلحقه القاضي أبو الفضل بن الخشاب وجماعة من المقدمين، وتلطفوا به ولم يزالوا به حتى رجع.
ووصل إلى حلب، ودخلها، وتسلم القلعة، وأخرج منها سائر الجند وأصحاب رضوان وأنزل سلطان شاه بن رضوان وبنات رضوان في دار من دور حلب.
وقبض على جماعة ممن كان يتعلق بالخدم ويخدمهم، وأخذ منهم ما كان صار إليهم من مال رضوان ومال الخدم الذين استولوا على حلب بعده.
وراسل الفرنج في مال يحمله عن عزاز ليرحلوا عنها، فلم يلتفتوا لقوة أطماعهم في أمر الإسلام، وكان إيلغازي يعجز بحلب عن قوت الدواب، وحلب على حد التلف.
فلما عرف من بعزاز ذلك ويئسوا من دفع الفرنج سلموها إلى الفرنج، وراسلهم من بحلب في صلح يستأنفونه معهم، فأجابوا إلى ذلك لطفاً من
الله بهم، على أن يسلموا إلى الفرنج تل هراق ويؤدون القطيعة المستقرة على حلب