ووصل القاضي بهاء الدين من الرسالة، في اليوم الثالث، والوزير ابن أبي يعلى، قد استولى على التدبير، وحكم على الصغير والكبير، فصعد إلى القلعة، واجتمع بشهاب الدين طغرل، وصرفه عن اضافة الأمور إلى الوزير.
وقرر أن الأمراء يجتمعون، ويتشاورون فيما يدبرونه، وأن لا يخرج الأمر عن رأي شهاب الدين أيضاً، فاجتمعوا بدار العدل، واتفقت أراؤهم على أن يكون الملك المنصور بن العزيز أتابك العسكر، وأمر الأقطاع إليه، وأمر المناصب الدينية يكون راجعاً إلى شهاب الدين طغرل، وحلفوه على ذلك، وركب، والأمراء كلهم في خدمته.
ونزل الملك العزيز، والملك الصالح، وجلسا في دار العدل، والملك العزيز في منصب أبيه، وأخوه إلى جانبه، والملك المنصور، إلى جانبهما ثم اضطربت الحال، ولم يرض إخوة الظاهر، بولاية المنصور.
ووصل في أثناء ذلك رسول الملك الرومي كيكاوس وكان مخيماً بالقرب من البلاد ينتظر وصول السلطان الملك الظاهر إليه فسير رسولاً معزياً، ومشيراً بالموافقة معه، وأن يكون الملك الأفضل أتابك العسكر، فإنه عم الملك العزيز، وهو أولى بتربيته وحفظ ملكه.
ومال الأمراء المصريون مثل: مبارز الدين يوسف بن خطلخ، ومبارز الدين سنقر الحلبي، وابن أبي ذكرى الكردي، وغيرهم، إلى هذا الرأي، وقالوا: إن هذا ملك كبير، ولا ينتظم حفظ الملك إلا به، وإذا صار أمر حلب راجعاً إليه كان قادراً على أخذ ثأره من عمه، وأخذ الملك به