ووصلته رسل الملك العادل تطلب منه الموافقة، فلم يجبهم إلى ذلك، وخرج إلى بكاس وحارم فمرض. ودخل حلب، واشتد مرضه، وطلب إليه القلعة الزهاد الذين كانوا بحلب، مثل أبي الحسن الفاسي، وعمي أبي غانم، وعبد الرحمن ابن الأستاذ، وسألهم الدعاء، وتبرك بهم، وأزال مظالم كثيرة. ثم أبل من مرضه ذلك، في ذي الحجة من سنة ست وتسعين.
وانفصل عنه صاحب حمص وصاحب حماة، وصارا مع عمه الملك العادل، وعوض صاحب حماة عز الدين بن المقدم بمنبج عن بارين، بإشارة الملك العادل. ومات ابن المقدم بأفامية، وصار فيها أخ له صغير.
واستقل الملك العادل بملك مصر، وقطع الخطبة والسكة للملك المنصور بن العزيز، واختلف جندها، فمنهم من مال إلى تمليك الملك العادل، وأقام في خدمته، ومنهم من كان يريد ابن العزيز، فانفصل منهم جهاركس، والجحاف، وغيرهما، فإنهم انفصلوا عن مصر، واتفقوا مع الملك الأفضل.
[الملكان الأفضل والظاهر يحاصران دمشق]
فوصل الملك الأفضل إلى أخيه السلطان الملك الظاهر إلى حلب، في عاشر جمادى الأولى من سنة سبع وتسعين وخمسمائة. ووصل معه الجحاف، وأخبرا أأن جهاركس بالغور، مع العسكر. واتفقوا على محاصرة دمشق.
وسير الملك الظاهر إلى الموصل بطلب نجدة تصله، وبرز مع أخيه الأفضل، وقصدا منبج، ففتحها الملك الظاهر، وقبض على ابن المقدم وحبسه، وأقطعها الجحاف، بعد أن خرب حصنها. وكان ابن فاخر سعد الدين مسعود بقلعة نجم، نائباً عن ابن المقدم، وأخته معه، فسلمها إلى الملك الظاهر، وعوضه، بمائز قرية من بلد عزاز وسلمها الملك الظاهر إلى الأفضل.
وسار إلى أفامية، ومعه ابن المقدم، فعاقبه تحتها ليسلموا إليه، فلم يسلموا