المصرية يفعلون كذا. وتكتب العلامة على رأس الكتاب، ولا يذكر اسمه. وسير الملك الناصر، وطلب أباه نجم الدين وأهله، فسيرهم نور الدين إليه مع عسكر، واجتمع معهم من التجار خلق عظيم، وذلك في سنة خمس وستين.
وخاف نور الدين عليهم من الفرنج، فسار في عساكره إلى الكرك فحصره ونصب عليه المجانيق، فتجمع الفرنج، وساروا إليه وتقدمهم ابن الهنفري، وابن الدقيق، فرحل نور الدين نحوهما قبل أن تلحقهما بقية عساكر الفرنج فرجعا خوفاً منه واجتمعا ببقية الفرنج.
وسلك نور الدين وسط بلادهم، وأحرق ما في طريقه إلى أن وصل إلى بلاد الاسلام، فنزل على عشترا على عزم الغزاة، فأتاه خبر الزلازل الحادثة بالشام، فإنها خربت حلب خراباً شنيعاً، وخرج أهلها إلى ظاهرها.
[من الزلازل إلى وفاة قطب الدين]
وتواترت الزلازل بها أياماً متعددة، وكانت في ثاني عشر شوال من السنة يوم الاثنين طلوع الشمس، وهلك من الناس ما يريد على خمسة آلاف نفر ذكر وأنثى، وكان قد احترق جامع حلب وما يجاوره من الأسواق قبل ذلك في سنة أربع وستين وخمسمائة، فاهتم نور الدين في عمارته وإعادته والأسواق التي تليه إلى ما كانت عليه. وقيل: إن الاسماعيلية أحرقوه.
وبلغه أيضاً وفاة مجد الدين ابن دايته، أخيه من الرضاعة بحلب، في شهر رمضان سنة خمس وستين وخمسمائة، فتوجه نور الدين إلى حلب، فوجد أسوارها وأسواقها قد تهدمت.
ونزل على ظاهر حلب حتى أحكم عمارة جميع أسوارها، وبنى الفصيل الدائر على البلد، وهو سور ثان.
ورمم نوابه ما خرب من الحصون والقلاع مثل بعلبك، وحمص وحماة، وبارين، وغيرها.