وكانوا في يد رضوان فاتفق رأيهم أن يسيروا عضب الدولة أبق بن عبد الرزاق إلى رضوان لاستخلاص كربوقا وكان أبق أيضاً من جملة من قبض عليه من الجماعة الذين كانوا مع تتش فخاطبوا السلطان في إطلاقه وتسييره فأجابهم إلى ذلك، وسيره إلى حلب، فلما وصله أكرمه رضوان وأطلق كربوقا في شعبان وسيره مكرماً.
فأطلق بركيارق أتابك طغتكين وجميع من كان في اعتقاله من خواص تاج الدولة، ووصل دمشق فابتهج دقاق بوصوله وقويت نفسه، وألقى تدبير أموره إليه فقام فيها أحسن قيام.
فاستأذن عضب الدولة الملك رضوان في الوصول إليه فأذن له، وقرر معه قرب العودة إلى حلب وترك اقطاعه بحلب على حاله، فوصل دمشق واختار المقام بها، وكتب إلى أصحابه بعزاز يأمرهم بتسليمها إلى رضوان فسلموها.
[خلف بن ملاعب]
ولما وصلت هذه الأخبار وثب أهل أفامية على حصنها فأخذوه من الأتراك، وقتلوا بعضهم، وكان تاج الدولة قد أخذه من ابن منقذ، وسار جماعة من أهلها إلى مصر يستدعون والياً من قبلهم لميلهم إلى الإسماعيلية ونفورهم من الترك.
ووصل خلف بن ملاعب في سنة تسع وثمانين وأربعمائة وتسلمها، وعاد إلى الفساد وقطع الطريق، وقتل خلقاً من أفامية.
[المؤامرة على جناح الدولة]
وأما الملك رضوان فإنه خرج في سنة ثمان وثمانين من حلب، ومعه جناح الدولة حسين ووصله يغي سيان ويوسف بن أبق من أنطاكية بعسكرهما، وتوجهوا إلى الرها، ومعهم رهائن أهلها ليتسلمها الملك رضوان من المقيمين فيها من أصحاب والده.
فلما نزلوا الرها أراد يغي سيان ويوسف أن يقبضا جناح الدولة ويتفردا بتدبير رضوان، فهرب منهما، وقطع الفر ات، ووصل حلب، وتبعه رضوان، فدخل حلب،