وأوهموه أنه يميل إلى الملك الصالح، ووضعوا على لسانه أشعاراً نسبوها إليه، فأوجب ذلك استيحاشه، وتوجه إلى الموصل. وعرض القضاء على عمي أبي غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة فامتنع. فقلد والدي القضاء بحلب وأعمالها، وبقي على قضائها إلى أن مات الملك الصالح، وفي دولة عز الدين، وعماد الدين، ومدة من دولة السلطان الملك الناصر.
وقبض الملك الصالح قرية للإسماعيلية تعرف بحجيرا من ضياع نقرة بني أسد، فكتب سنان إلى الملك الصالح كتباً عدة في إطلاقها، فلم يطلقها، فأرسل جماعة من الرجال معهم النفط والنار، فعمدوا إلى الدكان التي في رأس الزجاجين من الشرق في القرنة، فألقوا فيها النار.
فنهض نائب رئيس البلد بمن معه في المربعة، والجماعة المرتبون لحراسة الأسواق، وأخذوا السقائين ليطفئوا الحريق، فأتى الإسماعيلية من أسطحة الأسواق، وألقوا النار والنفط في الأسواق، فاحترق سوق البز الكبير، وسوق العطارين، وسوق مجد الدين، المعد للبز، وسوق الخليع، وسوق الشراشين وهو الآن يعرف الكتانيين وسوق السراجين، والسوق الذي غربي الجامع، جميعه، إلى أن انتهى الحريق إلى المدرسة الحلاوية.
واحترق للتجار والسوقية، من القماش والآلات شيء كثير، وافتقر كثير منهم بسبب ذلك، ولم يظفروا من الإسماعيلية بأحد، وذلك في سنة خمس وسبعين وخمسمائة.
ومات سيف الدين غازي، صاحب الموصل، ووليها أخوه عز الدين مسعود، وذلك في سنة ست وسبعين وخمسمائة.
[وفاة إسماعيل بن نور الدين زنكي]
وكان الملك الصالح في هاتين السنتين رخي البال، مستقرا في مملكته، سالكاً في الإحسان إلى أهل حلب طريق أبيه. عفيف اليد والفرج واللسان، فقدر الله تعالى